لطالما سجل أبناء مصر أسمائهم في تاريخ البطولات بأحرف من نور، شعباً وجنوداً وضباطاً. فقاوم هذا الشعب العظيم المحتلين على مدار العصور والأزمنة وخرج في ثورات عظيمة، سقط فيها العديد من الشرفاء، رجال ونساء وشيوخا وشبابا، ولم يتوان هذا الشعب العظيم في بذل التضحيات حتى وإن كُلفة هذا الأمر أرواحهم. لذلك كان من الطبيعي أن يكون بذل الروح فداء الوطن هي العقيدة الأساسية للجيش المصري والشرطة، وهذا ليس بغريب لأنهم نبت هذا الشعب العظيم.
تعود بداية ذكرى يوم الشهيد لليوم التاسع من مارس لعام 1969- وهو اليوم الثاني من حرب الاستنزاف- حينما ذهب رئيس أركان القوات المسلحة الفريق عبد المنعم رياض ليتفقد الجبهة في شمال الأسماعيلية ويطمئن على جنوده ويرفع من روحهم المعنوية وذلك بصحبة اللواء عدلى حسن سعيد قائد الجيش الثانى.
وبمنتهى الخسة ومخالفة القوانين والأعراف الدولية قام العدو بإطلاق النار على موقع الفريق عبد المنعم رياض الذي قاد بنفسه المعركة لمدة تزيد على ساعة ونص ولكنه أصيب بنيران مدفعية العدو وسط جنوده وفي طريقه للمستشفى فاضت روحه إلى بارئها لتخسر القوات المسلحة المصرية واحداً من أهم وأنجح القادة العسكريين في تاريخ مصر العسكري.
وتخليداً لهذه الذكرى ذكري البطل عبد المنعم رياض، تحتفل القوات المسلحة المصرية في التاسع من مارس من كل عام بيوم الشهيد كتحية تقدير واجلال وتكريم للفريق الشهيد.
ويُعد الجيش المصري من أقدم وأقوى الجيوش النظامية في العالم، وتضحياته يشهدها التاريخ منذ توحيد الملك نارمر لمصر 3200 ق.م. وقد قدّمت العسكرية المصرية على مدار التاريخ العديد من البطولات والتضحيات لأجل الوطن والأمة العربية بأجمع. بدأ من حرب أكتوبر 1973 التي شهدت استشهاد نحو 8528 مدني وعسكري.
وفي الخامس والعشرين من يناير لعام 2011 وقف الجيش المصري مع مطالب الشعب المشروعة، ممّأ أعطى دفعة وأمل للشعب المصري، وحين حدث فراغ أمني كان الجيش هو العنصر الأساسي الداعم والمنقذ لمصر من شِرك الدمار، حيث حما الشعب من البلطجية وأعداء الوطن، وسيطر على كل عمليات التدمير وهروب السجناء، وحفظ الأمن العام وأوقف مسلسل القتل ومحاولات الفتنة. وبموقف الجيش، كانت ردود الأفعال الإقليمية والعالمية تعبّر عن إدراكها أن مصر بجيشها لن تقبل بهزيمة ولن تسمع لأحد بالنيل منها.
كما أشرف الجيش على المرحلة الانتقالية بكل أمانة، مراقباً ومحايداً لكل الأطراف، حتى جاءت اللحظة التي تفجرت فيها الأوضاع بشكل لم يترك المجال للشعب لينتفض مرة أخرى، ولم يجد الجيش سوى ضرورة التحرّك لمنع شبح الحرب الأهلية وحفظ الاستقرار الاجتماعي للدولة.
وفي الثلاثون من يونيو 2014 وقف الجيش المصري بجانب رغبات الشعب، وأعلن خارطة الطريق التي تحدد مستقبل مصر، وظل مراقباً وحامياً للأوضاع، حتى تم تعديل الدستور وإجراء مصالحة وطنية، وانتخابات برلمانية ورئاسية حرّة.
وقدم الجيش المصري نماذج كثيرة من البطولات في سيناء ، حيث وصل إجمالي عدد شهداء الجيش المصري في سيناء خلال الفترة من “يناير 2011” وحتى “سبتمبر 2016” 125 شهيداً، بخلاف 996 مصاب.
ومن تلك البطولات معركة مذبحة الشيخ زويد في 24 أكتوبر 2014، والتي شهدت قيام الجماعات الإرهابية باستهداف كمين «كرم قراديس» جنوب الشيخ زويد ، مما أسفر عن مقتل حوالي 30 ظابط ومجنّد، وإصابة 26 آخرين.
ومذبحة رفح الأولى في أغسطس 2012 ورفح الثانية في أغسطس 2013 ورفح الثالثة في يونيو 2014 ورفح الرابعة في يوليو 2015 والتي أسفرت عن استشهاد العشرات من ضباط الجيش والمجندين.
وكان تاريخ الشرطة المصرية أيضا مليئ بالبطولات والتضحيات بدأ من أحداث بورسعيد 1956 مروراً بأحداث يناير وصلاً إلى يومنا هذا. فقد وصل عدد شهداء رجال الشرطة منذ 25 يناير 2011 حتى 20 يناير 2016، 720 شهيدا منهم 154 ظابط و333 مابين أمين شرطة وفرد شرطة.
ولم تقتصر بطولات الشهداء على رجال الجيش والشرطة فقط، حيث كان المصريون دائما واضعين صوب أعينهم الوطن ولا يبالوا تهديدات الجماعات الإرهابية، فسقط من أنباء مصر شهداء من رجال القضاء و النيبابة والمدنيين التي كانت أخرها حادثة تفجير الكنيسة البطرسية والذي راح ضحيته 28 شهيد.
وفي ذكرى يوم الشهيد كان لابد من إحياء ذكرى من استشهدوا دفاعا عن هذا الوطن فهم رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولم يتوانوا في تقديم أرواحهم فداء لهذا الوطن
