بعد انتهاء عضويتها غير الدائمة.. سجل مشرف لمصر في مجلس الأمن الدولي

في محليات, مصر

بعد 12 عام من الإنجازات والعديد من المقترحات في قضايا السلام والأمن الدولي، انتهت عضوية مصر في مجلس الأمن الدولي، لتذهب عضويتها غير الدائمة إلى الكويت، والتي غابت عن مجلس الأمن 40 عام، وبالتالي تحتفظ جامعة الدول العربية بتمثيلها في مجلس الأمن الدولي خلال العام 2018 بعد انتهاء عضوية مصر، التي كانت عضوا غير دائم فيه لعامي 2016/ 2017.

ويعد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمعروف إعلامياً بـمجلس الأمن الدولي، يُعد أحد أهم أجهزة الأمم المتحدة ويعتبر المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين، ولأن مصر بلد الأمن وشعارها “السلام ومحاربة الإرهاب”، حازت مصر علي عضوية فى مجلس الأمن الدولي في ست دورات بإجمالي 12 سنة.

 وشغلت مصر المقعد غير الدائم في مجلس الأمن خمس مرات منذ إنشاء المجلس عام 1946، قدمت خلالها العديد من المقترحات، ولكن أداء الدبلوماسية المصرية خلال العامين 2016 و2017 كان له التأثير الأكبر في الساحة العربية والدولية، خاصة في خدمة قضايا الاستقرار والسلام والتنمية فى المنطقة العربية وأفريقيا والعالم، وطرحها العديد من المبادرات التي تصب في خدمة القضايا العربية والإسلامية والدولية بما يصب في تحقيق الهدف الرئيسي وراء هذه العضوية وهو العمل على منع مسببات تهديد السلم والأمن الدوليين.

دور مصر الدبلوماسي قبل الرحيل

رئاسة مجلس الأمن

استطاعت مصرمنذ اليوم الأول، أن تُعبِّر عن ثوابت سياسة مصر الخارجية ومصالح الوطن العليا بأداء رفيع اتسم بالاستقلالية والمهنية، حيث كانت رئاسة مصر للمجلس مرتين في مايو 2016 وأغسطس 2017، بمثابة الفرصة لتحرك مصري فعال استطاع أن يضع القضايا التي تمس أمن واستقرار المنطقة على رأس أولويات المجلس.

خلال ترؤسها للمجلس في مايو 2016، ركزت مصر على العديد من التحديات التي تواجه منظومة السلم والأمن الدوليين، وترأس وزير الخارجية سامح شكري خلال الفترة من 9 إلى 11 من الشهر ذاته جلسة وزارية مفتوحة لجميع أعضاء الأمم المتحدة في مجلس الأمن حول مكافحة الفكر المتطرف كأساس لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب.

كما ناقش المجلس العديد من الأزمات التي تهم مصر وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمتان الليبية والسورية والوضع في اليمن والنزاعات في عدد من الدول الأفريقية، وطرحت مصر مبادرة لعقد اجتماع مشترك بين مجلس الأمن والجامعة العربية وهو ما تم بالفعل بعقد اللقاء الأول بالقاهرة فى مايو ٢٠١٦.

أما رئاسة مصر الثانية للمجلس في أغسطس 2017، كانت تهدف إلى تضييق الخناق على الإرهابيين من خلال منع وصول الأسلحة، لذا طرحت مصر مبادرة ومشروع قرار حول منع حصول الإرهابيين على الأسلحة، وهي المرة الأولى التى يتعامل فيها المجلس مع هذه القضية، وعكست هذه المبادرة من جانب مصر توجيه رسالة للمجتمع الدولى بضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن وخاصة القرار رقم (٢٢٥٣) الصادر عام ٢٠١٥ والذى يتناول جهود منع الإرهابيين من الحصول على السلاح، كما استطاع الوفد المصري في إطار رئاسته للجنة مكافحة الإرهاب أن يدفع بعدد من المسائل المحورية المرتبطة بالإرهاب إلى مقدمة اهتمامات مجلس الأمن، كمنع تمويل الإرهاب، ومنع استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لغرض الإرهاب، ومنع توفير الملاذ الآمن للإرهابيين، وضرورة التصدي لظاهرة المقاتلين الأجانب.

دور مصر في القضايا الدبلوماسية

الإرهاب

جاء اهتمام مصر بقضية مكافحة الإرهاب لاسيما وأنها من الدول التي عانت – ولا تزال – منه علي رأس الأولويات، حيث دعت الرئاسة المصرية لمجلس الأمن في مايو 2016 إلى نقاش وزاري انعقد تحت رئاسة وزير الخارجية، سامح شكري حول محاربة الرسائل والأيديولوجيات الإرهابية بمشاركة أكثر من 70 دولة، ومثّل هذا الاجتماع انطلاقة ناجحة لمساعي مصر في اتجاه وضع الجانب الفكري والأيديولوجي في صدارة اهتمام وجهود الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، بما أدى في النهاية إلى اعتماد المجلس بالإجماع للقرار رقم 2354 حول مكافحة الخطاب الإرهابي في مايو 2017.

في 21 يوليو 2017، وخلال جلسة اعتماد قرار للولايات المتحدة بتجديد منظومة لجنة عقوبات “داعش” و”القاعدة”، اتهمت مصر، قطر بانتهاج سياسة “داعمة للإرهاب” تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي فيما يخص مكافحة الإرهاب، ووصفت استمرار “عدم محاسبة مجلس الأمن الدولي لقطر” بـ “الوضع المشين”.
وأكدت أن “النظام الحاكم في قطر يتبنى سياسة دعم الإرهاب بتمويله وإمداده بالسلاح وتوفير الملاذ الآمن وبالتحريض، وسواء كان ذلك في ليبيا أو سوريا أو العراق أو في دول أخرى”.

مبادرات مصر لإستقرار المنطقة العربية

حرصت مصر خلال فترة عضويتها على دعم كل جهد من شأنه خدمة القضايا العربية والإسلامية والدولية، فاهتمت برفع المعاناة عن الشعب السوري، كما وظّفت دورها كمسؤولة عن الملف الإنساني داخل المجلس بالاشتراك مع إسبانيا ونيوزيلندا ومن بعدهما السويد واليابان في جذب اهتمام المجتمع الدولي للأوضاع الإنسانية في سوريا، خاصة بعد نجاح الاتصالات المصرية في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاعات والتوتر في سوريا. وقد ظهر هذا الدور جليا في القرار رقم 2393 بشأن تجديد قرار نفاذ المساعدات الإنسانية إلى سوريا، والذي تم اعتماده مؤخرا بالإجماع بناءً على جهد مصري سويدي ياباني مشترك.

كما أكدت مصر خلال جلسة مجلس الأمن لمناقشة المشروع الأمريكى حول الهجوم الكيماوى فى سوريا التي عقدت في 12 أبريل 2017، سعيها داخل المجلس وخارجه لحل الأزمة السورية، ودعت أمريكا وروسيا إلى التفاهم حول الأزمة..خاصة وأن الحرب فى سوريا أسهمت فى خلق ملاذ آمن لعشرات الآلاف من المرتزقة والإرهابيين فى سوريا والذين يهدد وجودهم المنطقة والعالم بأسره.

وفيما يخص ليبيا.. ترأست مصر في 28 يونيو 2017 اجتماعاً بمجلس الأمن حول “تحديات مكافحة الإرهاب في ليبيا”، وطالبت بضرورة تطبيق عدد من التدابير بشأن الوضع في ليبيا، كان من بينها ضرورة التوصل إلى مصالحة سياسية في ليبيا، وضرورة تكثيف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، كما جاءت القرارات والبيانات الصادرة عن المجلس لتؤكد على محورية دور مصر ورؤيتها في التعامل مع هذا الملف، وعلى رأسها القرار رقم 2292 الصادر في يونيو 2016.

كما عملت مصر خلال فترة عضويتها على التمسك بثوابت موقفها تجاه الأزمة اليمنية ومرجعيات الحل المتمثلة في قرار مجلس الأمن رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وذلك انطلاقا من مسؤولياتها الدولية والعربية، وقناعتها بضرورة عدم السماح للميليشيات الخارجة عن الشرعية والمدعومة من قوى خارجية بالسيطرة على مقدرات الشعب اليمني.

أما بالنسبة لقضية العرب الأولى، القضية الفلسطينية، طالبت مصر في 27 يناير 2016 مجلس الأمن بتحمل مسئوليته تجاه حماية الشعب الفلسطينى وتصحيح الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى.

ورغم فشل المجلس في تحريك ملف عملية السلام للاعتبارات السياسية المعروفة، والتي فرضت نفسها على أجندة الدول الأعضاء، إلا أن مصر حرصت خلال العامين الماضيين على الحفاظ على المرجعيات الرئيسية في تناول المجلس للقضية الفلسطينية، وقد طرحت مصر- نيابة عن المجموعة العربية- قبل أيام من انقضاء عضويتها مشروع قرار للتأكيد على قرارات مجلس الأمن السابقة بشأن الوضعية القانونية لمدينة القدس – بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن القدس عاصمة إسرائيل- باعتبارها مدينة محتلة تخضع لمفاوضات الحل النهائي، وفقاً لكافة مرجعيات عملية السلام المتوافق عليها دوليا، إلا أنه اصطدم في النهاية بالفيتو الأمريكي.

القضايا الإقليمية

على صعيد القضايا الأفريقية.. كانت عضوية مصر بمجلس الأمن بمثابة الفرصة للمساهمة بفاعلية في مناقشات ومفاوضات القضايا الأفريقية، وللتعبير عن مشكلات وأولويات القارة، فـكان لمصر دور هام في التوصل إلى توافق داخل المجلس حول القرار 2327 بشأن جنوب السودان، وفي صياغة القرار 2389 كأول قرار يصدر عن المجلس بهدف تعزيز الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، كما ساهمت مصر في ترتيب زيارة للمجلس إلى بوروندي في يناير 2016 بهدف التواصل مع مختلف أطراف الأزمة هناك وبحث سبل التسوية السياسية.

وترأست مصر أيضا لجنة العقوبات الخاصة بالكونغو الديمقراطية في إطار حرصها على التأكد من أن هذه العقوبات ليست موجهة ضد الكونغو وإنما إجراءات وقائية لتحقيق الاستقرار فيها، حيث أتمّ مندوب مصر الدائم في نيويورك زيارتين لهذا الغرض إلى الكونغو ودول المنطقة في أغسطس 2016 وأكتوبر 2017.

كما اتخذ البعد الأفريقي أولوية خاصة خلال برنامجيّ الرئاسة المصرية في شهر مايو 2016 وأغسطس 2017، بعد تنظيم مهمة ميدانية للمجلس إلى منطقة القرن الأفريقي، وعقد جلسة بمبادرة مصرية إسبانية مشتركة حول التحديات التي تواجه منطقة الساحل، كما جاءت استضافة الاجتماعات التشاورية السنوية مع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي خلال فترة الرئاسة الأولى في إطار الحرص على تعزيز مجالات التعاون بين الجانبين في مجالات حيوية كقضايا حفظ وبناء السلام والمرأة والأمن والسلم، حيث نجحت مصر في استصدار بيان رئاسي عن مجلس الأمن يحدد محاور شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأفريقي، بما يؤكد على انتماء مصر الأفريقي وريادتها في نطاق المنظمتين.

ولم يقتصر دور مصر في عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن على مدار عامين منذ يناير 2016 وحتى ديسمبر 2017، على اتخاذ القرارات السياسية فقط بل شاركت في العديد من القرارات المرتبطة بالإنسانية مثل قضايا الاتجار بالبشر، حيث عقد مجلس الأمن الدولي جلسة حول الاتجار بالبشر في حالات الصراع، استمع خلالها إلى سبعين متحدثا من بينهم الأمين العام للأمم المتحدة، ومفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي، في ظل تقارير مثيرة للقلق بشأن “بيع” مهاجرين أفارقة كرقيق في ليبيا.

 

دور مصر لحفظ الأمن

كان انتخاب مصر كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي للمرة السادسة في تاريخهاعام 2016، لم يأت من فراغ، وإنما جاء نتيجة امتلاكها للمقومات والعناصر التي تؤهلها للحصول على هذه المكانة رفيعة المستوى في المجلس، فمصر كانت ضمن الدول الـ 51 المؤسسة للأمم المتحدة وبدأت عضويتها فيها مع انطلاق المنظمة الدولية فى 24 أكتوبر عام 1945، كما أن مصر لها تاريخ طويل فى دعم حركات التحرر والاستقلال فى العالم النامى، وهي أيضاً دولة إقليمية رئيسية لها انتماءاتها الإسلامية والعربية والأفريقية والمتوسطية.

وتمتلك مصر أكبر جهاز دبلوماسي فى القارة الأفريقية من ناحية عدد البعثات الدبلوماسية والامتداد والقدرة على الوصول إلى المجتمع الدولى، فضلاً عن امتدادها الآسيوى، وحرصها الدائم على المشاركة بفاعلية فى أنشطة الأمم المتحدة فى المجالات السياسية وقضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية وضبط التسلح على المستويين الإقليمى والدولي.

لذا تعد مصر من الدول ذات التمثيل الكبير فى المجالس التنفيذية والهيئات والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وتتمتع بثقل سياسى متزايد فى الشئون الدولية انطلاقاً من دورها العربى والإقليمى والقارى.

أداء مصر خلال 5 دورات في مجلس الأمن

 شغلت مصر المقعد غير الدائم في مجلس الأمن خمس مرات منذ إنشاء المجلس عام 1946، قدمت خلالها العديد من المقترحات..

في العام الأول.. قدمت مصر مقترحاً لإقناع المجلس بإصدار قرار يلزم القوات البريطانية والفرنسية بالانسحاب من الأراضى السورية واللبنانية، وهو الطلب الذى رفضه المجلس.

فى ثانى دورة عامى 1949-1950..  كانت مصر جزءاً من المجلس الذى أصدر القرار رقم 83، والذى نص على مساعدة كوريا الجنوبية عسكرياً ضد هجوم كوريا الشمالية، والذى اتضح فيما بعد أنه مجرد مناورة من الولايات المتحدة لإعطاء الشرعية لشن هجوم على الشمال، ووقتها لم تشارك مصر فى التصويت على القرار.

الدورة الثالثة عامي 1960-1961.. كانت الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) عضوة فى مجلس الأمن وأيدت قرارات المجلس للحد من الحروب الأهلية ودعم استقلال دول أفريقيا، وفى المقابل تنحت الجمهورية العربية المتحدة عن التصويت فى كل ما يخص انتهاكات الدولة الإسرائيلية لفلسطين والدول المجاورة، وذلك لرفضها الاعتراف بدولة إسرائيل بشكل عام وقتها.

دورتها الرابعة..  انضمت مصر لمجلس الأمن مرة أخرى ودعمت وقتها جهود المجلس لإنهاء العدوان الإسرائيلى على لبنان وانسحاب القوات الإسرائيلية مرة أخرى من خلال تصويتها على تمديد عمل قوات حفظ السلام بالمنطقة.

الدورة الخامسة عامى 1996-1997..  دعمت مصر جهود الأمم المتحدة فى نشر السلام فى يوغوسلافيا السابقة، وإنهاء احتلال العراق لدولة الكويت، بينما أيدت جهود المجلس للضغط على المغرب لإعطاء سكان الصحراء الغربية حق تقرير المصير وإنهاء النزاع حول المنطقة.

 

خلال 12 عام في مجلس الأمن كعضو غير دائم.. واجهت مصر بالمجلس تجارب دقيقة وتحديات صعبة، لاسيما خلال الفترات التي شهدت استقطابا حادا في المواقف بين بعض أعضاء المجلس، الأمر الذي كشف بوضوح عن القدرات والمهارات الدبلوماسية لأعضاء الوفد المصري بالأمم المتحدة، وقدرتهم على تحمل مسؤولية عضوية مجلس الأمن، وتنفيذ التوجيهات الواردة إليهم من العاصمة بدقة شديدة، والحفاظ على المصالح العليا للوطن بدأب وتفان.

المواضيع المرتبطة

«الصحة» توضح أعراض التسمم الناتج عن تناول الأسماك المملحة.. وتؤكد توافر مصل «البتيوليزم»

وجهت وزارة الصحة والسكان، عدة نصائح طبية وإرشادات وقائية، تزامنًا مع الاحتفال بأعياد شم النسيم، وذلك ضمن جهود الوزارة

أكمل القراءة …

اتحاد جدة: إصابة أحمد حجازي بـ التواء في مفصل الركبة

أكد نادى اتحاد جدة غياب الدولى المصري أحمد حجازي، عن مواجهة نظيره أبها، المقرر إقامتها مساء اليوم الجمعة، ضمن مواجهات

أكمل القراءة …

هيئة الأرصاد: توضح حالة الطقس غداً.. إرتفاع فى درجات الحرارة 

كشفت هيئة الأرصاد الجوية، أن يشهد غدا السبت، طقسا حار نهارا على القاهرة الكبرى والوجه البحري وشمال الصعيد، مائلا للحرارة

أكمل القراءة …

قائمة الموبايل