وجهة نظر الجانب الأثيوبي بخصوص تحالف مصر وإريتريا وجنوب السودن المزعوم ؟ أنها ترى ان هذه الدول تتأمر عليها …..

في home-slider-right, عرب وعالم, مقالات

عندما تفجّرت الاضطرابات التي شهدتها مناطق محافظتي  “أوروميا” و”أمهرا” في إثيويبا خلال أكتوبر من العام الماضي، سارعت حكومة هايلي مريام ديسالين إلى اتهام مصر وإريتريا بالوقوف وراء الأحداث التي كادت تعصف بالدولة الأكبر مساحة في إفريقيا جنوب الصحراء.

الاتهامات التي وجهتها أديس أبابا إلى كلٍ من مصر وإريتريا  تقول إنها لم تأتِ من فراغ؛ فالأولى تخوض معها حرباً باردة على خلفية سد النهضة، الذي يتواصل العمل فيه بوتيرة عالية وقد اقترب من النهاية، حيث من المفترض أن يتم تدشينه قبل نهاية العام الجاري رغم الاعتراضات المصرية. أما إريتريا، فالخلاف الإثيوبي معها قديم؛ إذ خاضت الدولتان -إثيوبيا وإريتريا- حرباً دامية استمرت 3 سنوات، إثر نزاع على الحدود صعّدته الحكومة الإريترية؛ بحجة أن استقلالها عن إثيوبيا انتزع منها أراضي وطنية

هذه الأيام تتجه الأنظار إلى مصر -المتضرر الأول من قيام سد النهضة، حسب الرؤية المصرية- حيث استقبلت القاهرة في نوفمبر الماضي، الرئيس الإريتري آسياس أفورقي. ولفت مراقبون إثيوبيون إلى أن زيارة أفورقي تأتي ضمن تحالفٍ مصرى-إريترى ضد بلادهم. يعضدون تلك الرؤية بأن مصر دفعت ببعض جنودها منذ 2011م إلى إريتريا لتكون قريبة من الحدود الإثيوبية ونظرتها إلى أن ذلك هو السبيل الوحيد لمواجهة إثيوبيا وإثنائها عن إكمال بناء سد النهضة الألفية.

وترمى زيارة أفورقي إلى الحصول على الدعم العسكري المصري، حسب وسائل إعلامية إريترية معارضة، إلى جانب رغبته في بناء موقع قيادة متقدم في “تسرونا”؛ وهي منطقة مواجهة حدودية بين إثيوبيا وإريتريا، وتبعد 75 كيلومتراً فقط جنوب العاصمة أسمرا، ما قد يشكل تهديداً خطيراً لبقاء النظام الإريترى نفسه. أيضاً، بجانب ما سبق، هناك حديث عن تعاون بين البلدين -مصر وإريتريا- في دعم المعارضة المسلحة الإثيوبية، خاصة إثنيتى “أورومو” و”أمهرا”.

مخاوف إثيوبيا من التعاون المصري-الأوغندي مع جنوب السودان، تبدو واضحة، خصوصاً أن الحدود الإثيوبية، “منطقة جامبيلا”، متاخِمة وقريبة جداً من جنوب السودان، الدولة المضطربة والهشّة منذ انفصالها عن السودان الأُم. يمكن استغلال هذه الثغرات وعبور القوات إذا تطورت الأمور إلى مواجهة عسكرية مع مصر، رغم استبعادها حالياً. وفي الوقت نفسه، تراقب إثيوبيا بحذر شديد، الحدود السودانية التي لا تبعد عن منطقة سد النهضة سوى كيلومترات قليلة (نحو20 كيلومتراً)؛ وذلك لوجود قوات تابعة للحركة الشعبية المعارضة في المنطقة، وهو ما يعني -من ثم- سهولة التسلل من تلك المنطقة إلى منطقة السد.

السد الاثيوبي
السد الاثيوبي

_____________________________

ويرى المحللون لوجهة نظر اثيوبيا :

غير أن التحول أوالتقارب المصري الي الأنظمة الإفريقية، مثل إريتريا وأوغندا وجنوب السودان؛ لأجل محاصرة إثيوبيا دبلوماسياً وعسكرياً أو إثارة مشاكل قبلية- يبدو غير مجدٍ. ببساطة؛ لأن هذه الدول الثلاث لا تتميز بمواقف ثابتة يمكن الاعتماد عليها. إريتريا على سبيل المثال، أسهم السودان في تنصيب رئيسها الذي يحكم منذ الاستقلال عن إثيوبيا “آسياس أفورقي”، غير أنه تنكّر للسودان بسهولة عندما آوى المعارضة المسلحة التي كانت تعرف بـ”التجمع الوطني الديمقراطي”، ما حدا بالخرطوم إلى قطع علاقاتها معه فترة من الزمن حتى أفلحت وساطة قادها أمير قطر، حمد بن خليفة “آنذاك”، الذي جمع الزعيمين عمر البشير وآسياس أفورقي في لقاء تصالحي عام 1999م؛ لتعود العلاقات بين الدولتين منذ ذلك العام.. الأمر كذلك ينطبق على رئيس أوغندا يوري موسفيني، ورئيس جنوب السودان سيلفاكير ميارديت، الاثنان لديهما مواقف متذبذبة وغير ثابتة مع الجارة الشمالية “السودان”، خصوصاً دولة الجنوب الهشّة التي لا تزال تعاني الصراعات وعدم الاستقرار.

ونرى ذلك في السودان :

موقف السودان الرسمي حالياً أقرب إلى دعم إثيوبيا في مشروع سد النهضة لاعتبارات عدة؛ يتعلق بعضها بالضغط على مصر في ملف قضية “مثلث حلايب” الذي تسيطر عليه مصر منذ عام 1995 وترفض دعوات الخرطوم للتحاور حوله، فضلاً عن امتعاض النظام السوداني من دعم القاهرة للمعارضة السودانية، إضافة إلى رؤية حكومة السودان التي تؤكد أن سد النهضة لا يشكل أي خطورة على دولتي المصب “السودان ومصر”؛ بل إن هناك إيجابيات متوقعة من قيام السد، مثل حصول الخرطوم على طاقة كهربائية رخيصة، وفق اتفاق مع أديس أبابا. هذا، بجانب أن السد من شأنه أن يزيل خطر الفيضانات التي تجتاح الأراضي السودانية خلال فترة الصيف وتتسبب في أضرارٍ كبيرة كل عام.

بالعودة إلى موضوعنا الأساسي، المخابرات الإثيوبية اشتُهرت بنظرتها الأمنية الحذرة والعميقة، حيث إن الزائر للعاصمة أديس أبابا يلاحظ الإجراءات المشددة والتدقيق؛ بدءاً من إجراءات المطار، مروراً بالتفتيش الأمني الصارم في كل مكان.. الأسواق والمولات، دور العبادة، شركات الاتصالات، الفنادق وأماكن الجذب السياحي. لذلك، ستراقب حكومة إثيوبيا التحركات المصرية-الإريترية وسعيهما لعقد تحالفات مع جنوب السودان وأوغندا؛ بل لا تستبعد أديس أبابا أسوأ الفروض، وهو شن هجوم عسكري على السد، فقد نشرت إثيوبيا منظومة دفاعات جوية مضادة للطيران؛ لحماية السد من أي مخاطر محتملة. ولم تكتفِ السلطات الإثيوبية بهذا؛ بل فرضت حظراً جوياً غير معلَن فوق منطقة سد النهضة يمتد إلى عمق الحدود السودانية، إضافة إلى عمق مماثل لأجواء إثيوبيا حتى حدود دولة جنوب السودان؛ تحوّطاً وحذراً من أي محاولة لاختراق الطوق الاحترازي المضروب حول السد لتأمينه، ويشمل الحظر أيضاً الطيران المدني إلا بإذن من السلطات، بحسب الصحفي الإثيوبي أيوب قدي.

أديس أبابا تعدّ سد النهضة بوابة عبور للمستقبل، وتنظر إلى أنه ضروري لتغطية احتياجاتها من الكهرباء، حيث يتوقع أن ينتج نحو 6000 ميغاواط من الكهرباء؛ أي 3 أضعاف إنتاج سد “هوفر” العملاق في الولايات المتحدة، بينما تعتقد القاهرة أن السد يمثّل تهديداً عالياً للأمن القومي المصري يصل إلى درجة التهديد الوجودي.

واقع الحال يؤكد أن الحوار والتفاوض هما الحل الأمثل لتجاوز الخلافات؛ إذ إن الأحداث التي تعصف بالمنطقة والعالم تشير إلى أن الحلول العسكرية والمكايدات لا تجدي نفعاً غير تأزيم الأوضاع وتفجُّرها إلى أسوأ مما كانت عليه.

images

المواضيع المرتبطة

وريث الفنان “فريد الأطرش” يقاضي نانسي عجرم بسبب أغنية

قام فيصل فؤاد الأطرش، الوريث الوحيد للفنان الراحل فريد الأطرش، عبر مملثه القانوني الدكتور حسام لطفي، بمقاضاة الفنانة نانسي

أكمل القراءة …

تونس: الكشف عن المتورطين في عملية تزوير تذاكر نهائي أبطال إفريقيا

استطاعت السلطات التونسية الكشف عن المتورطين في عملية تزوير تذاكر نهائي دوري أبطال إفريقيا، وفق ما أكده مصدر أمني

أكمل القراءة …

ابعدوا عن الشمس.. الأرصاد تحذر المواطنين من ارتفاع شديد فى درجات الحرارة

قامت الهيئة العامة للأرصاد الجوية بتحذير المواطنين من استمرار الموجة شديدة الحرارة على أغلب أنحاء البلاد غدا الأحد، مشددة

أكمل القراءة …

قائمة الموبايل