شحنة القمح الروسي المستورد تُربك الحسابات.. لا نتستطيع إدخالها ولا يُمكنها إرجاعها !
ألف طن موجودة حاليًا في الموانئ .. ومسؤولون بالحجر الزراعي يؤكدون إصابتها
متحدث الزراعة: لن نسمح بدخول الشحنات المصابة بنسب زائدة مهما كانت الأسباب
من موقف قوي، بدأت روسيا تتخذ مواقفها، فعندما أخبرتها مصر بأن شحنة القمح المستوردة توجد بها حشرات، كان الرد: «طهروه بالبخار»، لم تستطع مصر رد الشحنة وكذلك لم تستطع إدخالها، فهيّ من ناحية تخشى من رد الفعل الروسي كما حدث سابقًا، وفي الوقت نفسه، الحشرات ظاهرة وكثيرة والشحنة لو دخلت ستحدث «كارثة».
موقف صعب.. والأصعب منه هو السماح بدخول قمح الإرجوت، فما هو المتوقع بعد السماح بدخول الفطر السام؟، كان يجب على الحكومة أن تُدرك تمامًا أن القادم أسوء وأن الشحنات القادمة ستكون بها حشرات حية هذه المرة تلعب أمام أعينها، ولن يتدخل أحد، بل لن يُمكنها أن تُرجع الشحنة إلى موطنها.
اتخذ وزير الزراعة الدكتور عصام فايد، قرارًا بحظر دخول أي شحنة من القمح تحتوي على نسبة من الإرجوت، مستندًا في هذا القرار إلى تقرير أعده باحثون بمركز البحوث الزراعية التابع لوزارته، يُشير إلى خطورة الفطر على صحة المصريين، لكن الوزير سرعان ما تراجع عن القرار تحت ضغوط!.. مافيا الحبوب مارست دورها المعتاد على رئيس الوزراء شريف إسماعيل، وامتنعت الشركات عن المناقصات، فأجبرت الحكومة على التراجع وسمحت بدخول القمح المصاب بالإرجوت.
ونجحت الحكومة في إخماد ثورة مجموعة من الباحثين اللذين طالبوها بالتراجع وعدم السماح بدخول قمح الإرجوت، معللة ذلك بأن النسبة التي سيتم السماح بدخولها غير مضرة، واستعانت هذه المرة بمجموعة أخرى من الباحثين اللذين أكدوا بدورهم أن نسبة 0.05 % من الفطر لا تؤثر على صحة الإنسان، وبالتالي مررت القرار ووافق وزير الزراعة، عصام فايد، على دخول القمح المصاب بالإرجوت.
اليوم جاءت النتيجة المترتبة على القرار، فقد أرسلت روسيا شحنة قمح توجد بها «حشرات»، وكانت نسبة فطر الإرجوت مرتفعة وظاهرة جدًا، ولم تستطع الحكومة أن تُرجعها، وذلك خوفًا من أن تتأثر الصادرات الزراعية المصرية إلى روسيا، إضافة إلى أنها لا يُمكنها استلامها فإن ذلك معناه أن تكتشف الحشرات في القمح، وبالتالي وضعت الحكومة في ورطة حقيقية.
تقرير رسمي: إجمالي الكميات المصابة بالقمح يبلغ 18 ألف طن
في الوقت نفسه، كشف تقرير صادر عن وزارة الزراعة، عن إجمالي الكميات الموجودة حاليًا والمصابة بفطر إلارجوت السام، حيثُ بلغت الشحنات نحو 18 ألف طن من القمح الروسي جميعها يوجد به حشرات، ولا يقتصر الأمر على الإرجوت فقط، بل أن مسؤولين بالحجر الزراعي المصري أكدوا لـ «اليوم الجديد»، أن الحشرات ظاهرة تمامًا وهناك أنواع عديدة منها، وأن عدد من مسئولي الحجر الزراعي الروسي اقترح على مصر تطهير الشحنة بالتبخير.
ووفقًا للتقرير، فإن الحكومة حملت الشركة المستوردة مسؤولية الشحنة، وأبعدت المسؤولية تمامًا عن وزارة الزراعة، كذلك أبعدت التهمة عن روسيا، فالشركة تتحمل تبعات الشحنة كاملة، والشحنة موجودة في الموانئ المصرية منذ 4 شهور تقريبًا، وأخذت وزارة الصحة والحجر الزراعي عينات منها لتحليلها، وجاءت جميع العينات إيجابية، فالشحنة مصابة بأنواع عديدة من الحشرات.
ويبقى مصير الشحنة المصابة والمقدرة بـ 18 ألف طن غامضًا، فحتى الآن لم تُعلن الحكومة عن طريقة التعامل معها، وهيّ لم تؤكد أنها ستُرجعها إلى موطنها، كذلك لم تقول صراحة إنها ستدخلها البلاد، ورغم تحميل الشركة المستوردة المسؤولية عن سوء التخزين، إلا أن الغموض لازال يُحيط بالشحنة.