السفينة البنمية إيفرجيفن،واحدة من أكثر السفن الضخمة في العالم،إذ يبلغ طولها أربعمائة مترًا و عرضها ستون مترًا فيما يبلغ ارتفاعها ستون مترًا،ترجع أهميتها الكبري إلي أهميتها الاقتصادية كواحدة من أكبر السفن الناقلة للحاويات علي مستوى العالم،ترفع هذة السفينة علم بنما بينما تديرها شركة تايوانية،لم يسمع عن هذة السفينة أو يهتم بأخبارها المواطن العادي البسيط سوي في يوم الثلاثاء الموافق الثالث و العشرون من شهر مارس الماضي، عندما علقت في أشهر ممر ملاحي في العالم و هو قناة السويس و علي متنها حمولة ضخمة تقدر بمائتين و أربعة و عشرون ألف طنًا من الحاويات كانت متجهة من الصين إلي ميناء روتردام في هولندا.
كانت العاصفة الرملية مصحوبة برياح شديدة سببًا مُعلنًا لهذا الجنوح من قبل قادة السفينة العملاقة و كذلك مجموعتها التجارية إلا أن القائمين علي قماة السويس قد أعلنوا أن السبب الرئيس يعود إلي أسباب فنية أو ربما خطأ شخصي تسبب في هذا الحادث.
و علي أية حال فقد تسبب هذا الحادث في تعطل حركة التجارة العالمية لمدة قاربت الأسبوع،الأمر الذي انعكس بدوره علي شركات الشحن و التجارة العالمية الأخري مثل ميرسك و هاباغ لويد عن رغبتهما الشديدة في تحويل مسار رحلات سفنهم إلي رأس الرجاء الصالح بدلًا من قناة السويس، و هو ما يشكل مسافة تصل إلي العشرة آلاف كيلومترًا اضافية حول القارة الافريقية،إذ ان تعطل الملاحة في قناة السويس كان يكبد تلك السفن خسارة يومية تقدر بتسعة آلاف مليار دولار يوميًا و تتكبد معه القناة خسائر يومية تقدر بين اثني عشر و الأربع عشر مليار دولار يوميًا.
و حقيقة الأمر فقد قامت هيئة قناة السويس بجهود مضنية و ضخمة في سبيل تعويم السفينة مرة أخري،فقد قامت مصر بأعمال تكريك و حفر ناهيك عن سفن القطر التي تتولي سحب السفينة العملاقة إلي مسارها الصحيح في محاولة لتعويمها مرة أخري، و كانت البادرة الأولي عندما تحركت دفة السفينة ثلاثين درجة و هو ما كان مؤشرًا جيدًا علي تحركها.
و في سياق آخر كان علي العاملين في هيئة قناة السويس إزالة ما بين خمسة عشرة ألف متر مكعب من الرمال و العشرين مترًا حتى تتمكن السفيينة من العودة الي المسار الصحيح و هنا عرضت بعض الدول الأجنبية مساعدة مصر في سبيل تحرير السفينة و عودة حركة القناة الي طبيعتها بعدما تم شل حركة قافلة الجنوب، إلا أن مصر رفضت ذلك الوضع و اصرت علي القيام به من كفاءاتها الذاتية و من قبل عامليها.
و بعد مرور أسبوع من تعطل هذة السفينة نجحت جهود هيئة قناة السويس و قاداتها و رجالها في تعويم السفينة مرة أخري و العودة بها إلي مسارها الصحيح و بدأت في الشروع في التحرك مرة أخري، الأمر الذي اُعتبر بمثابة نجاح عالمي لكل القائمين علي هذا العمل العملاق الذي نجح في وقف تكبد حركة التجارة العالمية خسائر فادحة.
و هنا كان لزامًا علي ملاك تلك السفينة تعويض مصر عن الخسائر المادية من جراء جنوح تلك السفينة و تعطل حركة الملاحة في القناة لمدة قاربت الأسبوع،و في هذا الشأن جرت مفاوضات استمرت تقريبًا ثلاثة أشهر و قد تركزت المفاوضات حول أن هناك مبالغ ضخمة صُرفت في سبيل تعويم السفينة مرة أخري و كذلك هناك خسائر تكبدتها القناة بسبب تعطيل حركة الملاحة بها لمدة أسبوع،و قد اتفق الجانبان علي عدم الدخول في نزاعات قضائية و ضرورة حل الموضوع بشكل سلمي بين الطرفين و بالتراضى.
و تجدر الاشارة إلي أن الجانبين فضلا عدم الافصاح عن قيمة التعويض و اكتفت هيئة قناة السويس بالاعلان انها تراضت من جراء حصولها و توصلها الي اتفاق مُرضي للخسائر التي تكبدتها في الفترة السابقة و حصولها علي التعويض الملائم و قد وقعا الطرفان اتفاقًا ملزمًا بين الجانبين ( الشركة العائدة لها السقينة من ناحية و هيئة قناة السويس من ناحية أخري) و يري الأستاذ الدكتور أحمد حمدي عبد المنعم أن سرية ذلك التعويض هو أمر يخص الشأن الداخلي المصري و لا يحق الاطلاع عليه من أي أحد كما أن سرية الأمر من جانب الشركة المالكة هو أيضًا شأن داخلي لها حتي لا تدفع نفس ثمن التعويض إذا تكرر هذا الحادث في أي ممر آخر و حتي لا تتأثر الشركة و مساهميها و سمعتها من المبالغ الضخمة التي قد تحدث هزة اذا عُرفت في الأسواق المالية العالمية.
و حرصًا علي عدم تكرار مثل هذة الحوادث مرة أخري،قامت هيئة قناة السويس بالتخطيط لتعميق مجري القناة الرئيس و كذلك البحيرات المرة حتي تتلافي حدوث مثل هذة الحوادث مرة أخري.
