تأسست جامعة الدول العربية في الثاني و العشرين من مارس عام 1945 أي قبل إنشاء الأمم المتحدة ببضع اشهر،و قد شارك في تأسيسها سبع دول و هم مصر و السعودية و العراق و لبنان و سوريا و شرق الأردن و اليمن،و كان الهدف من تأسيسها هو النظر في مصالح الدول العربية بصفة عامة ثم سرعان ما انضمت الدول العربية إلي الجامعة بعد حصولها علي الاستقلال و كان من أولهم دولة ليبيا الشقيقة و ذلك عام 1953م.
شهدت فترة الأربعينيات من القرن العشرين ظهور مصطلح ما يُعرف باسم القومية العربية و هو شعار اتخذته الدول العربية في هذة الحقبة من اجل الاستقلال العربي سياسيًا عن الدول الأوروبية التي كانت تحكمها،أما علي صعيد الدولي فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية و نتيجة لانحياز العرب إلي جانب الحلفاء ضد دول المحور أن أعلنت بريطانيا العظمي أنها تعاطفت مع آمال العرب و طموحاتهم في التوحد و أنها تعطي للموضوع العناية و الرعاية اللازمة،ثم بعد دراسة رأت بريطانيا أنها يجب أن تشجع أي عمل اتحادي يضمن زيادة نفوذها و تعميقه داخل الوطن العربي،و هو ما صرح به “انتوني ايدن” بأن العرب خطوا خطوة عظيمة منذ نهاية الحرب العالمية الأولي و أن كثيرًا من المفكرين العرب يرغبون في أن تحقق الشعوب العربية درجة من التقارب أكبر مما تحقق من قبل و أن بريطانيا ستقوم بتقديم المعونة الكاملة لأي خطة تتمتع بالتأييد التام من الدول العربية.
و بعد تصريح ايدن اقترح نوري السعيد –رئيس وزراء العراق وقتئذ- عقد مؤتمر عربي لمناقشة موضوع الوحدة العربية،فخاطب السعيد مصطفي النحاس – رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت- يعرض عليه فكرة المؤتمر و أرسل رسالة مماثلة إلي الملك عبد العزيز بن سعود لعرض نفس الأمر و قام نوري أيضًا بإرسال وفودًا رسمياً إلي سوريا و الأردن حول عقد نفس المؤتمر، و في الثاني عشر من يوليو 1944 وجه مصطفي النحاس الدعوة إلي الحكومات العربية لارسال مندوبيها للاشتراك في اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي العام الذي سيتولي صياغة المشروعات المتعلقة بتحقيق الوحدة العربية،فاجتمعت اللجنة التحضيرية في الاسكندرية و انتهي الاجتماع بتكوين مجلس اتحادي له سلطة تنفيذية و لا تكون قراراته مُلزمة لمن لا يقبل بها.فخرج الوفد المصري بإقتراح إنشاء منظمة إقليمية تقوم علي أساس الالتزام بخط سياسي قومي عربي و أعطي لهذة المنظمة اسم جامعة الدول العربية و كان اجتماع الاسكندرية هو الوثيقة الرئيسية التي وضع علي أساسها ميثاق هذة الجامعة.
و من ثم كان إنشاء الجامعة العربية تعبيرًا عن الحقيقة القومية و السياسات العربية،و في 22 مارس 1945 وقع ممثلو الدول السبع علي ميثاق الجامعة و الذي أصبح ساريًا اعتبارًا من 11 من مايو 1945،و الذي يتألف من ديباجه و عشرين مادة تتضمن أهداف الجامعة و مبادئها و الهيكل التنظيمي لها و شروط العضوية و اجراءاتها و كيفية اتخاذ القرارات و العلاقات فيما بين الدول الأعضاء.
تولي منصب الامين العام للجامعة العربية منذ تأسيسها في عام 1945 و حتى الآن ثمانية أشخاص،سبعة مصريين و واحد فقط تونسي وهم: عبد الرحمن عزام ( 1945-1952) ثم محمد عبد الخالق حسونة (1952 – 1971) ثم محمود رياض (1971-1979) ثم الشاذلي القليبي – تونسي الجنسية – (1979 – 1990) ثم أحمد عصمت عبد المجيد (1990- 2001) ثم عمرو موسي (2001-2011) ثم نبيل العربي (2011- 2016) و أخيرًا السيد أحمد أبو الغيط (2016- و حتى الآن).
و الأمين العام هو أعلي منصب دبلوماسي عربي يقوم صاحبه بمتابعة تنفيذ قرارات مجلس الجامعة العربية و كذلك يكون مسئولًا عن تحديد تاريخ دورات انعقاد مجلس الجامعة،كما عليه توجيه الدعوة لعقد اجتماعات مجلس الجامعة و اللجان الدائمة للجامعة و كذلك تنظيم أعمال السكرتارية الخاصة بالجامعة و اجتماعاتها و أخيرًا إعداد ميزانية الجامعة،أما المهام السياسية للأمين العام للجامعة فهي حضور اجتماعات مجلس الجامعة و المشاركة في مناقشة الموضوعات المُعروضة و كذلك تقديم التقارير و البيانات لأي مسألة يبحثها مجلس الجامعة العربية،و هناك التمثيل الدولي للجامعة في المنظمات الدولية وأخيرًا التحدث باسم الجامعة في المنابر الاعلامية.
و تشهد الجامعة العربية حاليًا نهاية فترة السيد أحمد أبو الغيط الأولي و قد قامت مصر بترشيحه لفترة ثانية لمدة خمس سنوات مقبلة و هو الأمر الذي سيتم حسمه من خلال القمة العربية المُقبلة في مارس المقبل و ذلك وفقًا لميثاق جامعة الدول العربية و الُمقرر إقامته في العاصمة الجزائرية الجزائر، و تنتهي فترة الولاية الأولي للسيد أحمد أبو الغيط في 30 يونيو من العام الجاري و في ظل جائحة كورونا و احتمالية تأجيل عقد القمة العربية المقبلة المقرر لها مارس المقبل فربما يقوم الرؤساء و الملوك و الأمراء العرب بتفويض وزراء خارجيتهم لحسم ذلك الأمر من خلال اجتماع علي مستوي وزراء الخارجية العرب.
و يشير الدكتور أحمد حمدي أن احتمالية فوز السيد أحمد أبو الغيط بالتجديد مرة أخري احتمالية كبيرة نظرًا للعديد من النجاحات التي قام بها السيد أبو الغيط علي الصعيد الاقليمي و العربية منها دوره في اسكات المدافع و وقف الصراعات علي كافة الجبهات العربية المشتعلة في سوريا و اليمن و ليبيا و التقليل من عوامل الصراع و الفتن و الاضطرابات الداخلية داخل الدول المُشتعلة و كذلك جهود أبو الغيط في تقريب وجهات النظر بين الجهات المتصارعة في ليبيا و اليمن و السعي نحو استقرار الأوضاع و إرساء الشرعية و العودة للمفاوضات و علي الصعيد الفلسطيني عمل ابو الغيط علي تقريب وجهات النظر بين حركتي فتح و حماس كما ندد باعلان القدس عاصمة للكيان الاسرائيلي.
لا شك أن هذة العوامل تساهم في تدعيم فرص السيد أبو الغيط في التجديد له مرة أخري كأمين عام لجامعة الدول العربية.
