الإخوان فشلوا في زرع التشاؤم لدى المصريين.. الوعى دمر كل المخططات وكورونا الدليل

في home-slider-right, تقارير وتحقيقات, مصر

مع تطور الحروب وعدم اقتصارها على المواجهة العسكرية المباشرة، أصبحت الإبادة الثقافية للشعوب من أهم الأجيال الجديدة من الحروب، جنبًا إلى جنب مع الحروب الإعلامية والإلكترونية والرقمية ، ومن ضمن خطوات الإبادة الثقافية تأتي فكرة تدمير الوعي الجمعي واستبداله، على ضوء حقيقة أن الشعوب تستمد قوتها من تاريخها، ومن تفرد وخصوصية الشخصية العامة لهذا الشعب. وكانت لعبة الاستعمار المزمنة هي استئجار أقلام ومثقفين ومفكرين ورجالات سياسة ودين إذا لزم الامر من أجل لعبة الإبادة الثقافية للوعي الجمعي للشعوب من الداخل.

ومن هنا بدأت لعبة صناعة الوعي والمرجعية الشاملة للشعوب، وقد امتاز الخطاب الرسمي للدولة المصرية طيلة عقود بحالة من الافتخار القومي وتزكية المشاعر الوطنية، ونجد ذلك واضحًا في الخطاب الملكي والوفدي والناصري، ورغم استمرار هذا الخطاب في سنوات السادات ومبارك، إلا أن إطلاق يد تنظيم الإخوان عام 1974 في المجتمع المصري، كان نقطة البداية في إطار لعبة تشكيل مرجعية بديلة للشعب المصري.

تشكيل تنظيم الإخوان لمرجعية محافظة للمجتمع المصري، لم يتوقف عند أعضاء تنظيم الإخوان، ولكن تلك الأفكار انتقلت إلى كافة التيارات السياسية المصرية كلٍ بنسبة، سواء اليسار الاشتراكي والشيوعي والناصري، والوسط الليبرالي، والنيوليبراليين والعلمانيين، بل وحتى من قام بتسيس الإلحاد والمثلية الجنسية والحريات الشخصية وحقوق الإنسان والنسوية وجعل منها طوائف سياسية، كانت كافة تلك التيارات تتماهى مع الخطاب الدعائي الإخواني حتى لو كانت تدعي معارضة التوجهات الإخوانية.

وامتد الأمر إلى بعض الصحفيين والمثقفين والإعلاميين ورجل الشارع بطبيعة الحال، بل ووجد هذا الخطاب طريقه إلى أعمال فنية سينمائية وتلفزيونية، بل وليس من المبالغة أن بعض رجالات الدولة المصرية خصوصًا في سنوات مبارك وحتى بعض المؤيدين للإدارات المصرية الحاكمة ايضًا اعتنقوا بعضًا من آراء المرجعية الإخوانية.

تمدد الخطاب الإخواني داخل القوى المدنية والمجتمع المصري

ولعل انتشار تلك المرجعية البديلة يعود إلى أن تنظيم الإخوان قد تحالف مع أغلب الحركات السياسية والثقافية والصحفية خلال أربعة عقود ما بين عامي 1974 و2013، والبداية حينما وافق حزب الوفد الجديد ممثل الوسط الليبرالي المصري الدخول في ائتلاف انتخابي مع تنظيم الإخوان في انتخابات مجلس الشعب المصري عام 1984 ليصبح الوفد الليبرالي هو جسر تنظيم الإخوان لدخول البرلمان المصري للمرة الأولي في سنوات مبارك، وللمفارقة فإن رئيس حزب الوفد الجديد وقتذاك كان فؤاد سراج الدين وزير الداخلية في وزارة مصطفى النحاس الخامسة والأخيرة، وعاصر مدى خطورة تنظيم الإخوان ومع ذلك قبل بهذا الائتلاف!

وفى انتخابات 1987 قبل حزب الاحرار الاشتراكيين وحزب العمل الاشتراكي الذي غير اسمه لاحقًا إلى العمل الإسلامي أن ينضم إليهم تنظيم الإخوان في ائتلاف انتخابي، وللمفارقة فأن رئيس حزب الأحرار الاشتراكيين وقتذاك كان مصطفى كامل مراد عضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 وعضو تنظيم الضباط الأحرار، وعاصر مراد الصدام بين تنظيم الضباط الأحرار وتنظيم الإخوان وشاهد بعينه مؤامرات ونوايا الإسلام السياسي ضد الشعب المصري قبل أن تكون ضد حكوماته ورؤسائه!

ولاحقًا حينما بدأ حراك القاهرة عام 2005 وتأسست حركة كفاية، وتاليًا حركة 6 ابريل ثم الاشتراكيين الثوريين، كان تنظيم الإخوان حاضرًا عبر شبابه في تلك التنظيمات كما الحال مع ائتلافات شباب الثورة عقب 25 يناير2011.

وخلال الربيع العربي، كان حزب الحرية والعدالة الذراع الحزبي لتنظيم الإخوان على رأس ائتلاف سياسي ضم حزب غد الثورة بقيادة أيمن نور الذي تأسس على يد عددٍ من المفكرين والأكاديميين والمثقفين المنتمين إلى التيار المدني ومدعي مناهضة الدولة الدينية!

كذلك كان في هذا الائتلاف حزب الكرامة الناصري لمؤسسه حمدين صباحي والذي خرج من الحزب العربي الاشتراكي الناصري!، إضافة إلى حزب الأحرار الاشتراكيين وحزب مصر العربي الاشتراكي وحزب الجيل الديمقراطي وحزب الحضارة الذي يصنف باعتباره ممثل اليمين الليبرالي، وقد خاض هذا الائتلاف انتخابات البرلمان المصري 2011/2012 هو البرلمان الذي أسقطته ثورة 30 يونيو 2013.

حقن الخطاب الإخواني بالوعي الجمعي المصري

يتضح مما سبق مدي تغلغل تنظيم الإخوان وقوة تحالفاته مع كافة فرق المعارضة المصرية من أقصى اليمين لأقصى اليسار، خصوصًا أن تنظيم الإخوان اعتمد في مرحلة تالية على التقية، أي ادعاء انشقاق بعض من رجالاته وانضمامهم إلى التيارات المدنية.

ولاحقًا في توقيتات مدروسة تجد تلك التيارات تنضم إلى تنظيم الإخوان كما جرى عشية الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة المصرية 2012، بل واصبح أبرز دعاة تسييس الإلحاد والتنوير والعلمانية في مصر من أسر إخوانية ويدعون الانشقاق ومعارضة الإخوان سياسيًا، ولكن للمفارقة فأن رؤيتهم للحكومة والدولة والشعب المصري تتطابق مع رؤية الإخوان كما أنهم من أبرز المدافعين عن حق الإرهابين في العمل السياسي وعدم توقيفهم بدعوى أنه صراع سياسي لا وطني، وترسيخ لفكرة أن الإخوان تنظيم سياسي فحسب وإن الإرهاب فصيل وطني، ما جعل المعارضة السياسية المدنية مجرد ظهير مدني للإخوان وإرهاب الإخوان.

وساهم المال الإخواني في صناعة دور نشر وصحف وقنوات داخل وخارج مصر، عمل فيها نسبة كبيرة من المثقفين والكتاب والمفكرين والصحفيين والإعلاميين، ما جعل تنظيم الإخوان يسيطر على المشهد الثقافي والصحفي والإعلامي في مصر طيلة أربعة عقود بشكل مباشر أو غير مباشر، كان فيهم الصحفي أو الإعلامي أو المثقف الوطني المؤيد لبلده أقلية في تلك المجالات التي تشبعت بالخطاب الإخواني المعادي للدولة المصرية.

وقد شكل الإخوان تلك المرجعية بناء على أفكار إسلامية محافظة أضافة إلى بعض الأفكار اليسارية التي تعتبر من مخلفات التجربة الناصرية الاشتراكية (1952 – 1970)، ونجحوا في سنوات ما قبل يونيو 2013 في جعل تلك المرجعية المحافظة اليسارية بمثابة مدونة الوعي المصري.

هكذا تماهت المعارضة المصرية مع المرجعية المحافظة الإخوانية، وأصبحت خطابًا عامًا للمعارضة، حتى تلك التيارات التي تبدو معارضة لتنظيم الإخوان، كما تسللت بعض مفردات هذا الخطاب إلى الكتلة الشعبية غير المسيسة والكتلة الرمادية وحتى بعض المؤيدين، لتشكل ظاهرة هي الأخطر في عملية اغتيال الشخصية المصرية المعاصرة.

ملامح المرجعية المحافظة

من أبرز تلك الأفكار:

1 – الشعور الدائم بالدونية واحتقار الذات والشعور بالانحطاط أمام الآخر وترسيخ عقدة الخواجة، وممارسة تكفير ثقافي وإقصاء مجتمعي لكل من يشعر بالوطنية والانتماء لمصر مقابل إعلاء قيم التطاول على كل ما هو يمثل مصر، سواء الحكومة أو مؤسسات الدولة أو حتى الرموز التاريخية بدعوي إعادة قراءة التاريخ وإعادة اكتشاف التاريخ.

2 – كل ما هو غير مصري هو بالضرورة أفضل من أي شيء مصري، فلا يعقل – وفقًا لمنطقهم – أن يكون هنالك أي بند مصري أفضل من أي دولة أخرى.

3 – الدولة المصرية ليس لها أي مكان أو شأن يذكر على المستوي العالمي.

4 – الحكومة المصرية لا تعبأ لحال المواطن، وتتآمر على صحته ومقدراته الاقتصادية، وغير قادرة على التخطيط للمستقبل، تركت المواطن خارج مصر فريسة للغرب وداخل مصر فريسة للعشوائيات.

5 – ترسيخ شعور بالمظلومية الشعبية وأن المواطن مسروق من رجال الاعمال ومؤسسات الدولة ونشر اليأس الاقتصادي والمعنوي.

6 – نبذ ثقافة الفرح والألوان ونشر ثقافة التشاؤم والاكتئاب، ضمن استراتيجية انتاج المواطن الغاضب الكاره لكل شيء دائمًا.

7 – الاستحقاق الشعبي: أن المواطن يستحق أفضل من كل ما يجرى ولكن الحكومة تقف في وجه هذا الحق، مع توظيف المعتقدات الاشتراكية في المجتمع عبر توجيه هذا الخطاب بشكل طبقي حيال مؤسسات الدولة المنتجة أو الرأسمالية الوطنية والقطاع الخاص بوجه عام.

8 – صناعة أحقاد طبقية وغل اجتماعي حيال مؤسسات الدولة المنتجة، مثل شركات وزارة الدفاع والإنتاج الحربي، رغم حقيقة أن ما يسمى بـ “اقتصاد الجيش” هو واقع في كافة المؤسسات العسكرية في العالم أجمع، من اجل إيجاد إيراد للتسليح بدلًا من قضم هذا الإيراد من ميزانية الدولة المخصصة للصحة والتعليم وغيرها من احتياجات المواطن اليومية فيما يتعلق بالسلع والطاقة.

9 – المثقف على يسار السلطة: على ضوء تفشي حالة ادعاء النخبوية والثقافة، تم استثمار مقولة يسارية اشتراكية مشوهة ان المثقف أو الشخص الذي لديه رأى يجب دائماً ان يكون على يسار السلطة، أي في مقاعد المعارضة ولديه اعتراضات دائمًا.

هذه المقولة في واقع الأمر إقصائية لأي مثقف يرى أن الحكومة تبلى بلاء حسن، وهي أيضًا اقصائية لحق المثقف في أن يتحدث بشكل إيجابي عن الحكومة متى وجد الداعي لذلك، بل هي أيضًا ضد مبدأ الديمقراطية في حرية المثقف أن ينتمي إلى المعارضة من عدمه.

مصادرة المثقف والحركة الثقافية إلى “يسار السلطة” بحيث أصبح كل مثقف لا يرى السلطة على خطأ يتم تكفيره ثقافيًا وصحفيًا وإعلاميا، وهكذا فإن المثقف الذي يدعي أنه ضد الكهنوت والباباوية والسلطة الدينية، يمارس باباوية وكهنوتية بديلة على المثقفين أنفسهم قبل أي طرف اخر في المجتمع!

10 – تمجيد كافة العصور السابقة على حساب العصر الحالي، حتى لو كان المتحدث سبق له معارضة بعض تلك العصور السابقة، ونشر تقارير تاريخية كاذبة عن إقراض أوروبا والولايات المتحدة الامريكية في الحقبة الملكية!

11 – جعل الديمقراطية وحقوق الإرهابيين في السجون هي المعيار الوحيد لتقدم الأمم، رغم أن الديمقراطية وسيلة وليست غاية، وأنه متى وجد أي شعب في العالم مساحات من الحرية والاحترام دون الذهاب إلى صناديق الاقتراع كل بضعة أسابيع أو دون وجود مئة حزب فاعل في حياته فإنه قد حقق بذلك الغاية التي يحاول البعض تحقيقها بالديموقراطية وحقوق الإرهابيين في السجون.

وفى إطار خدمة ما سبق، يتم بشكل دوري تمجيد دولة اجنبية في مجال ما، فلم تترك المعارضة المصرية بناء على دعاية إخوانية دولة من النمور الآسيوية الاقتصادية أو التجارب اليسارية في أمريكا اللاتينية وحتى بعض أشباه الدول في أوروبا الشرقية إلا وروجت لها باعتبارها تجربة أفضل من مصر ويجب الأخذ بها.

من رئيسة كرواتيا التي ليس لها صلاحيات لأن كرواتيا جمهورية برلمانية، إلى رئيسة وزراء نيوزيلاندا ومن قبلهم الرئيس البرازيلي لولا دى سيلفا الذي يحاكم بتهم الفساد والرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز التي تسببت سياساته في مجاعة تجتاح بلاده حتى بعد وفاته، وماليزيا وكوريا الجنوبية وفيتنام وحتى سنغافورة، يجب على المعارضة بتأثير إخواني ان تضخم دولة ما كل فترة وتجعلها النموذج الأمثل الذي يجب أن يحتذى به رغم أن كل نموذج من هؤلاء له إخفاقاته وارقامه السلبية.

الهدف الدائم هو تمجيد كل نظام تعليمي وصحي وغذائي في العالم أجمع.. الهدف الدائم هو ان تشعر أنك اقل من الجميع وفى المرتبة الأخيرة امام الجميع.

إعادة اكتشاف دولة المؤسسات

حينما بدأ وباء كورونا في اجتياح العالم، بدأت المفارقات تحدث واحدة تلو الأخرى، لتشكل في نهاية المطاف مشهدًا شديد التفرد في تاريخ الشعب المصري. بينما حكام الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا يتحدثون بشكل سلبي متشائم، فإن الخطاب العام للدولة المصرية كان شديد الطمأنينة للشعب، سواء خطابات الرئيس عبد الفتاح السيسي أو مؤتمرات الصحفية لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وصولًا للمداخلات الهاتفية للوزراء وعلى رأسهم وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد.

بينما الدول العظمي والكبري تركت مواطنيها عالقين لمدة ثمانية أسابيع في دول يتفشى بها الوباء، بل وخرج بيان من السفارة البريطانية يطالب المواطنون البريطانيين في دولة الكويت باللجوء إلى الجمعيات الخيرية ولجان الزكاة بدلًا من الضغط على السفارة البريطانية بالكويت لبدء إجلائهم من الدولة الخليجية، كانت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج تتواصل مع المصريين بالخارج بشكل شخصي عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، ويتحرك أسطول مصر للطيران بناء على تعليمات وزير الطيران المدني لإجلاء المصريين من قلب ووهان مهد وباء كورونا مرورًا بدول الخليج العربي التي شهدت انتشارًا سريعًا للوباء في موجته الأولي، وصولًا إلى قلب القارة الأوروبية.

بل ويقود الطيار محمد منار عنبه وزير الطيران المدني إحدى تلك الطائرات بنفسه من أجل إجلاء المصريين من بعض الدول الغربية، وما إن يصلوا إلى مصر حتى تم نصب الحُجُر الصحية من مرسي علم إلى مرسي مطروح في فنادق خمس نجوم على نفقة الدولة التي تكفلت بمصاريف عودة المواطنين من الخارج ورعايتهم 14 يومًا في الحجر الصحي تحت اشراف وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، لتعمل منظومة الأمن الصحي المصري بأعلى قوتها ودون أدني شكوي من نقص في المواد الطبية، لتصبح مصر أول دولة تجلى رعاياها من قلب مدينة ووهان الصينية.

ولم يتوقف إجلاء المصريين على صفة العالقين فحسب، ولكن تم فتح الباب أمام المقيمين في الخارج أيضًا للعودة وقتما شاؤوا، بالتزامن مع السماح للأجانب الذين يريدون البقاء في مصر لبعض الوقت، بعد أن رفض أبناء بعض الجنسيات مغادرة مصر على ضوء سرعة تفشى الوباء في بلادهم.

هل أصبحت مصر أكثر مكان آمن في العالم اجمع؟ سؤال طرحه المصريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في مراجعة فكرية ذاتية بدأت في نقد الخطاب العام للمعارضة المصرية وخطاب قنوات تنظيم الإخوان من قطر وتركيا وانجلترا.

أغلقت المدارس أبوابها بسبب الوباء، فاذا بمشروع وزير التربية والتعليم د. طارق شوقي عبر أداء الامتحان وتلقى بعض المواد الدراسية عبر التابلت يصبح هو الحل الوحيد بعد فترة طويلة من السخرية من فائدة المشروع، لتصبح خطة طارق شوقي لتطوير التعليم هي طوق النجاة للطالب المصري حتى لا يخسر عاماً دراسياً من عمره.

بينما منظومة الخبز والتموين وشبكة الأمان الاجتماعي لا تتوقف ولو لبضعة دقائق عبر وزارتي التموين والتضامن الاجتماعي، فلا عطلة أو نقصان بينما دول صناعية اخري في قلب أوروبا انهار نظامها الغذائي والطبي ومات بعض سكانها في بيوتهم من المرض والجوع، وتقدم وزارة البيئة قراءات دقيقة عن المناخ تساهم في ضبط حظر التجوال سواء ما قبل سيول منخفض التنين أو ما بعده، بينما هيئة قناة السويس تعمل دون توقف للحفاظ على الملاحة البحرية التجارية في هذا الشريان الاقتصادي.

وفى تلك الأثناء، ينتشر عناصر وزارة الداخلية على الأرض لتنفيذ حظر التجوال، وللمرة الاولي في تاريخ الداخلية المصرية تنتفد حظراً للتجوال بدون نزول القوات المسلحة، وللمفارقة فأن تنفيذ الحظر عام 2020 كان اشد قوة من سنوات ما بين 2011 و2013، بينما يجوب السفير سامح شكري وزير الخارجية العالم من أجل قضية المياه، لأن تكرار إلهاء مصر بكارثة قومية ما من أجل بدء مشروع السد كما جرى عام 2011 لن يتكرر.

ولا تتخوف وزارة الأوقاف عن اتخاذ قرارات تاريخية للحفاظ على صحة الانسان دون حساب للمزايدات الدينية الرخيصة ونفاق تنظيم الإخوان، بينما شباب الكنيسة القبطية يجوبون المساجد لتعقيمها أسوة بالأديرة المسيحية، بينما وزارة التنمية المحلية ووزارة الإسكان تواصل العمل في مشاريع الدولة حتى لا يسقط الاقتصاد، اذ ان المجاعة التي حاولت جهات اجنبية افتعالها في مصر في سنوات الربيع العربي لن يعود شبحها مع وباء كورونا.

وبينما شركات القطاع الخاص ترفع أسعار المستلزمات الطبية عشرين ضعفًا في بعض الحالات، وبعض – وليس كل – رجال الاعمال يرفضون التبرع من أجل مكافحة الوباء، ويرفضون إعطاء اجازات بأجر لو لأسبوعين فحسب، وبينما يتم تسريح بعض العمال من هنا وهناك، تبرز أهمية ان يكون للدولة مؤسساتها الاقتصادية والإنتاجية، سواء التابعة لوزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو باقي وزارات ومؤسسات الدولة.

هذه الشركات طرحت السلع الغذائية والاساسية وبعض السلع الطبية بأسعارها العادية بل وفى بعض المنافذ بتخفيضات، ما وازن أسعار السوق، وفى صمت كان الشعب يفهم معني إدارة الامن الغذائي، وان تلك الإدارات الموجودة في الوزارات والأجهزة السيادية لم تكن غرضها تجاري، بل حماية مقدرات مصر من الاحتياجات الطبية والغذائية متى حدثت ازمة محلية أو عالمية.

بينما دول الجوار تعاني من شح في المواد الغذائية، حتى أن وسم #الكويت_بدون_بصل يجتاح تويتر الخليج، كانت مزارع ومصانع القوات المسلحة تضخ المواد الغذائية في الأسواق، ومن سخر يوماً من انتاج الجيش للمعكرونة والأرز ومزارع الأسماك والجمبري، يشعر اليوم بامتنان لمن حمي أمنه الغذائي بينما دول نفطية وصناعية عظمي تتقاتل على عبوات أوراق الحمام والمطبخ حتى أن هنالك عصابات تجتاح الولايات المتحدة الامريكية تخصصت في سرقة ورق المطبخ والحمام!

وخلال أقل من ستة أسابيع، كان الخطاب الإخواني ومرجعيته المحافظة اليسارية التي أصبحت خطابًا لما يسمى بالمعارضة المصرية قد تم تفكيكه عملياً امام اعين المواطن المصري، الذي تلمس حقيقة ان نموذج الدولة المركزية الوطنية القومية التي يحاولون اسقاطها منذ عقود نجح فيما فشلت فيه الدول الغربية.

الشعب المصري أعاد اكتشاف الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعاد اكتشاف معني مصطلح دولة المؤسسات، أعاد اكتشاف تلك المؤسسات، أعاد اكتشاف مجلس الوزراء ورئيسه وأعضاء هذا المجلس، وسادت حالة من الفخر الوطني والاعتزاز بالقيادة السياسية ونظرتها للمواطن ورعاية حقوقه بداية من حقه في العودة لأرض الوطن متى رغب ومهما كانت الظروف، ونصب مظلة الحجر الصحي لتحتوي كل من عاد إلى مصر، وصولاً إلى إجراءات البنك المركزي الرحيمة بقوت يوم المواطن.

تم تفكيك نصوص الافتخار الغربي، فلا لديهم جيوش نزلت وعقمت بما يكفي، لا توجد إصابات بوباء كورونا في أي منطقة عقمها الجيش المصري، بينما نيويورك التي اجتاحها الوباء نزل الجيش الأمريكي لتعقيمها ولم يعمل هذا التعقيم على فرملة أعلى معدل يومي للوفاء جراء الوباء في العالم.

تفهم المواطن المصري عبر ستة أسابيع، أنه لا يعيش في “أسوأ مكان في المجرة” كما يدعي خطاب المعارض المصري، وبدأت مراجعات فكرية عفوية تدور بين الشعب والشعب بعيداً عن النخب المتماهية مع الخطاب الإخواني، وانتشرت كتابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمصريين كانوا في صفوف المعارضة، يتحدثون عن إيجابيات الفترة الحالية، وانهم غيروا رؤيتهم بحق الرئيس عبد الفتاح السيسي.

أمام هذا المشهد، ليس غريباً ان تكون ما يسمى بالمعارضة المصرية هي المعارضة الوحيدة في العالم التي ظلت تعمل ضد الوطن – لا الحكومة – في فترة وباء كورونا، ولا عجب ان يكون الرئيس عبد الفتاح السيسي هو الحاكم الوحيد الذي يتعرض لهجوم اعلامي منظم طيلة فترة الوباء عبر شاشة الاعلام الإخواني من قطر وتركيا وانجلترا.

ولعل المشهد الختامي لهذه المرحلة، هو تلك اللحظة التي قام فيها عدد من الشباب المصريين في الحجر الصحي بالتصوير رافعين جواز السفر المصري، بعد سنوات من حقن الوعي الجمعي المصري ان دول العالم سوف تحرك اساطيلها من اجل المواطن، فلا تحرك منهم إلا الاسطول المصري.

صنع الغرب تنظيمات الإسلام السياسي منذ القرن الثامن عشر، صنع الصراع العربي الإسرائيلي في القرن العشرين، صنع ثورات ملونة صادرت مطالب مشروعة للشعب بحياة أفضل، وصنع قوميات بديلة وخطاب اخواني يساري من اجل اعتماده مرجعية جمعية للوعي المصري، كل هذا من أجل ألا يشهر شاب مصري جواز سفره أو علم بلاده بكل هذا الافتخار، ولكنه حدث ذات يوم في الشهر الرابع من العام 2020 تقديرًا للرئيس عبد الفتاح السيسي في أعتى لحظات تفكيك الخطاب الإخواني.

المواضيع المرتبطة

الرئيس السيسي يعلن إطلاق خط طيران مباشر من البوسنة إلى مدينة الغردقة

صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي، أنه لتعزيز التبادل السياحي بين مصر والبوسنة سيتم من إطلاق خط طيران مباشر من

أكمل القراءة …

بالتفاصيل.. مسابقة لشغل 18886 وظيفة معلم مساعد والتقديم 14 مايو المقبل

أعلن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، برئاسة الدكتور صالح الشيخ، عن مسابقة جديدة لتلبية حاجة وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني

أكمل القراءة …

السيسي: الناس بتقولي انتوا صرفتوا كتير ليه؟.. لنكون زي مخاليق ربنا في الدنيا أو متخلفين

صرح الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، أن مصر تعتبر نقطة ومحور رئيسي لنقل البيانات في العالم. وأشار السيسي خلال

أكمل القراءة …

قائمة الموبايل