بين 14 يناير من عامي 2011 و2018، تكون قد مرت على اندلاع الثورة التونسية سبع سنوات، وتحيي تونس اليوم الأحد، الذكرى الـ7 لثورة الياسمين التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي عام 2011، والذي كان أول زعيم يسقط في احتجاجات “الربيع العربي” التي اجتاحت المنطقة في 2011.
نرصد لكن في هذا التقرير أبرز محطات تونس الخضراء منذ “ثورة الياسمين” وحتي احتجاجات اليوم..
بداية الثورة
«ثورة الياسمين» اندلعت مع إحراق البائع المتجول محمد بوعزيزي نفسه في 17 ديسمبر 2010 في مدينة سيدي بوزيد الفقيرة، تعبيرًا عن غضبه على بطالته ومصادرة العربة التي يبيع عليها من قبل الشرطية فادية حمدي.
أدى ذلك إلى اندلاع شرارة المظاهرات في يوم 18 ديسمبر 2010 وخروج آلاف التونسيين الرافضين لما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم، وأجبَرت الرئيس زين العابدين بن علي على إقالة عدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية وتقديم وعود لمعالجة المشاكل التي نادى بحلها المتظاهرون، كما أعلن عزمه على عدم الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2014.
نتاج الثورة الإيجابي
انتخابات ديمقراطية
قبل الثورة، لم يكن بالإمكان تداول السلطة عبر انتخابات مفتوحة، على الرغم من أن تونس كانت تشهد انتخابات في هذه المرحلة، إلا أنها كانت محسومة مسبقًا لصالح مرشح بعينه، ما يعني أن أهم إنجاز حقته الثورة لشعبها هو تمكينه من انتخاب ممثليه بحرية ونزاهة.
الصحافة الحرة
كانت الصحافة العمومية والخاصة خاضعة لرقابة السلطة قبل ثورة الياسمين، ولكن بعد إسقاط نظام زين العابدين بن علي، أصبح الإعلام أكثر حرية وتنوعًا، وصنف تقرير منظمة مراسلون بلا حدود الإعلام التونسي في المرتبة الأولى عربيًا (دون احتساب موريتانيا وجزر القمر)، حسب وكالة الأناضول.
العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان
شكلت تونس، في 2014، هيئة الحقيقة والكرامة (دستورية مستقلة)، بهدف الإشراف على تطبيق قانون العدالة الانتقالية، والنظر فيما يتردد من تجاوزات حقوق الإنسان بين الأول من يوليو 1955 و24 ديسمبر 2013، تاريخ صدور هذا القانون.
حق التظاهر
أحد أبرز الحقوق التي حصل عليها التونسيون بعد الثورة، بعد أن كان التظاهر محظورًا في زمن بن علي، إلا في نطاق ضيق، لكن في السنوات السبع الأخيرة، شهدت البلاد عدة تجمعات ومظاهرات حمتها الشرطة بدل قمعها، رغم أن هذا الحق أصبح محل جدل بسبب لجوء بعض المحتجين إلى العنف.
الحجاب
كان الحجاب في عهدي بورقيبة وبن علي، محظورا بنص القانون رقم 108 الصادر في 1981، حسب القيادية في حركة النهضة فريدة العبيدي، لكن بعد الثورة تم إسقاط هذا القانون، وأصبح الحجاب “حرية شخصية” للنساء التونسيات.
فشل الثورة
رغم مرور 7 سنوات على الثورة التونسية، إلا أن الاستياء الاجتماعي ما زال حيا ، وبقيت غارقة في الضيق الاقتصادي والاجتماعي، ومرت السنوات ولازال المواطنون محرومون من الحقوق التي تجندوا لأجلها” في 2011.
البطالة
لم تنخفض نسبة البطالة، بل على العكس في 2017، بلغت النسبة في تونس نحو 15.3 في المئة وترتفع أكثر في أوساط الشباب. وتمثل البطالة إحدى العقبات الرئيسية التي أخفقت 9 حكومات متتالية بعد الثورة في التعامل معها ما جعل تونس تشهد احتجاجات بين حين وآخر يكون مطلبها الرئيسي التشغيل.
الإرهاب عقبة
قبل الثورة، كانت تونس تنعم إلى حد كبير بالأمان، رغم وقوع عمليات إرهابية محدودة، لكنها بعد يناير 2011، تعرضت لعدة ضربات إرهابية استهدفت سياسيين ورجال أمن وعسكريين وسياح أجانب.
كما حاول تنظيم “داعش” الإرهابي تأسيس إمارة له في بن كردان جنوب شرق البلاد، فيما تتمركز كتيبة عقبة بن نافع، التابعة لتنظيم القاعدة في جبال الشعانبي الغربية، يضاف إلى ذلك ما تمثله عودة مئات التونسيين من مناطق التوتر في ليبيا وسوريا والعراق، وهو ما أثار قلق الناس من تزايد مخاطر التهديد الإرهابي.
الفساد
كانت محاربة الفساد إحدى الأسباب التي قامت من أجلها الثورة التونسية، إلا أنه وبعد سبع سنوات، وعلى الرغم من إعلان حكومة يوسف الشاهد، الحرب على الفساد، إلا أن هناك قناعة في أوساط التونسيين بأن “الفساد لم يكافح بالشكل الكافي”.
ويقول شوقي الطبيب، رئيس الهيئة التونسية لمكافحة الفساد والحوكمة (دستورية مستقلة)، في تصريحات إعلامية سابقة، إن “70 في المائة من مشاكل تونس كان بالإمكان تجاوزها في حال قاومنا الفساد”، حسبما ذكرت وكالة الأناضول التركية.
تدهور الاقتصاد
أبقت على النموذج الاقتصادي ذاته مع المشاكل ذاتها” التي كانت قائمة قبل الثورة، لذا فإن الوضع ما انفك يتدهور، وتأثر الاقتصاد التونسي بشدة بعدم الاستقرار الذي أعقب الثورة، وعانت السياحة وهي قطاع أساسي، انعكاسات اعتداءات شهدتها تونس في 2015.
واتجهت السلطات، إزاء الصعوبات الاقتصادية، إلى صندوق النقد الدولي الذي منح تونس في 2016 خط قروض بقيمة 2,4 مليار يورو على أربع سنوات شرط خفض عجز الميزانية والعجز التجاري.
ثورة جديدة
بدأت احتجاجات تونسية على نطاق ضيق يوم الأحد الماضي، قبل أن تنتشر في أغلب البلاد، تنديدًا بسوء الأحوال المعيشية التي يعاني منها التونسيون منذ سقوط نظام “بن علي”، واستمر على مدار 9 حكومات تعاقبت بعد إسقاطه في عام 2011، دون أن تفلح أيًا منها في إنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي للدولة التي تُعتبر النموذج الناجح الوحيد في دول الربيع العربي.
وكان غليان الشارع التونسي مع بداية العام الجديد 2018، ضد رفع الأسعار وفرض ضرائب جديدة، عبر حملة “فاش نستناو” أو “ماذا تنتظرون”، ويعتبر السبب الرئيسي الذي أثار غضب واستياء التونسيين هو إقرار الحكومة لقانون المالية 2018، نظرًا لانعكاساته المباشرة على ارتفاع الأسعار وإنهاك القدرة الشرائية للمواطنين.
واندلعت التظاهرات في العاصمة تونس فقط، قبل أن تمتد يوم الاثنين الماضي، إلى المحافظات الداخلية للبلاد، وضواحي العاصمة التونسية في وقت أشارت فيه وسائل إعلام محلية تونسية إلى محاولات المحتجين اقتحام بعض المصارف في الضواحي التونسية، واقتحام بعض من المؤسسات العامة والخاصة في أنحاء متفرقة من تونس.
أسفرت الاحتجاجات عن حملة اعتقالات واسعة شمل 773 شخص بينهم قيادات من المعارضة التونسية، والتي اتهمتهم الداخلية التونسية بالقيام بـ”أعمال شغب”، كما تسببت الاحتجاجات في مقتل شخصًا بعد أن دهسته سيارة تابعة للشرطة، بينما نفت الداخلية التونسية لاحقًا تلك الرواية، وقالت إنه توفي بفعل الغاز المسيل للدموع، الذي أطلقته قوات الشرطة وأنه كان يعاني من مرض ضيق التنفس.
ورغم تصريحات الحكومة بخفض الأسعار، إلا أنها لم تؤثر على الشارع التونسي الذي ظل في حالة من الغضب، كما استمرت المعارضة التونسية في التنديد بالوضع الاقتصادي، وتعهد حزب المعارضة الرئيسي بالبلاد، بتوسيع نطاق الاحتجاجات حتى إسقاط قانون المالية، فيما يُعَد مؤشرًا لثورة “ياسمين” جديدة.