أزمة اشتعلت بين نقابة الإعلاميين، تحت التأسيس، والمجلس الأعلى للإعلام، على خلفية إذاعة الإعلامي أحمد موسى، لمكالمة مفبركة عن حقيقة ما جرى في حادث الواحات.
قال الإعلامى حمدى الكنيسى، رئيس نقابة الإعلاميين، إن مجلس النقابة قرر خلال اجتماعه الطارئ، أمس، لمناقشة ما جاء فى برنامج «على مسئوليتى»، الذى يقدمه الإعلامى أحمد موسى، على فضائية صدى البلد، وقف «موسى» عن العمل لحين انتهاء التحقيق معه، مع متابعة التصرف الجنائى فى الواقعة أمام النيابة العامة.
وأوضح «الكنيسى»، فى بيان للنقابة، أمس، أن حلقة البرنامج المذاعة مساء السبت ١٢ أكتوبر، وما قُدم فيها من محتوى إعلامى يتنافى مع قانون نقابة الإعلاميين، التى تحظر، وبالأخص فى مادتها «٦٩»، أى تناول إعلامى يؤدى إلى الإخلال بالمصالح العليا للبلاد ومقتضيات الأمن القومى، كما تخالف ميثاق الشرف الإعلامى، ما يمثل مخالفة صارخة، وكان لزاماً على النقابة التصدى لها.
من جانبه، قال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فى بيان عقب اجتماعه أمس، إن غالبية الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة رغم نقص المعلومات المتاحة التزمت فى تغطيتها للحادث بالمعايير والقواعد الإعلامية والمهنية، باستثناء عدد محدود من الصحف والفضائيات ارتكبت تجاوزات أدت لتضليل الرأى العام وخلقت مناخاً مروجاً لمزاعم الإرهابيين وأهدافهم.
وأكد المجلس أن غياب المعلومات لعدة ساعات ليس مبرراً لاستخدام الشائعات المنسوبة لمصادر مجهولة خاصة فيما يتعلق بأحداث تمس الأمن القومى.
وقال أحمد سليم، الأمين العام للمجلس، فى تصريحات صحفية، إن هيئة مكتب المجلس، بدأت أمس التحقيق مع رئيس مجلس إدارة قناة صدى البلد، ورئيسة القناة، والإعلامى أحمد موسى، فى التسجيلات التى أذاعها عبر برنامجه، على أن يقدم المذيع اعتذاراً على الهواء، ويعترف بأن التسجيل الذى أذاعه مزيف، وسيعلن المجلس نتيجة التحقيق خلال أسبوع.
وتقدم المحامى عمرو عبدالسلام ببلاغ للنائب العام المستشار نبيل صادق طالب فيه بالتحقيق مع أحمد موسى بشأن التسجيل الصوتى الذى أذاعه فى برنامجه وحمل البلاغ رقم 11040 عرائض النائب العام، وذكر مقدمه أن هذا التسجيل المذاع فى برنامج «موسى» أثار الفزع لدى عموم الشعب المصرى، وأظهر قوات الأمن بمظهر الضعف والوهن، مشيراً إلى أن ما حدث يعد نشراً لأخبار كاذبة فى زمن الحرب بغرض الإضرار بالأمن القومى.
وقالت مصادر أمنية إن أجهزة الأمن بوزارة الداخلية تحقق فى واقعة التسجيلات الصوتية المزعومة التى أذاعتها بعض البرامج على القنوات الفضائية، وأضافت المصادر أن القوات تبحث عن «طبيب» سجل المقطع الصوتى الخاص بمعركة الواحات البحرية وقام بتسريبه.
وصرح مسئول مركز الإعلام الأمنى بوزارة الداخلية، بأن التسجيلات الصوتية المزعومة التى أذاعتها بعض البرامج على القنوات الفضائية، ومواقع التواصل الاجتماعى بشأن حادث الواحات الإرهابى، غير معلوم مصدرها، وتحمل فى طياتها تفاصيل غير واقعية لا تمت لحقيقة الأحداث التى شهدتها المواجهات الأمنية بطريق الواحات بصلة.
وأشار فى بيان صادر عن «الداخلية» إلى أن تلك التسجيلات وتداولها على هذا النحو يهدف لإحداث حالة من البلبلة ونشر الإحباط فى أوساط وقطاعات الرأى العام، ويعكس عدم المسئولية المهنية.
وأهابت وزارة الداخلية عدم الالتفات لمثل تلك التسجيلات، أو الاعتماد عليها كمصدر للمعلومات.
وشهدت الفضائيات المصرية حالة ارتباك مساء أمس الأول بعد قيام أحمد موسى مقدم برنامج «على مسئوليتى» على قناة «صدى البلد» بإذاعة مكالمة صوتية «تسريبات» تشرح حقيقة ما جرى فى معركة «الواحات الإرهابية» بين قوات الشرطة والإرهابيين، حيث يؤكد أحد الضباط أن الإرهابيين محترفون ويظهر جزءًا مما حدث فى المعركة، وأن قوات الأمن خاضت معركة كبيرة ضد الجماعات الإرهابية على طريق الواحات، وما حدث أمس ليس حادثاً إرهابياً ولكن عملية عسكرية ضخمة تُديرها مخابرات دول.
وهاجم عدد كبير من مقدمى «التوك شو» انسياق المذيع دون ذكر اسمه وراء عرض «تسريبات» تضر بالأمن الوطنى المصرى، وتؤثر على الروح المعنوية للمصريين ورجال الشرطة.
كما أكد عدد من الإعلاميين من خلال برامجهم أنهم وصلهم نفس هذا «التسجيل» ولكنهم رفضوا بثه على الهواء، أولاً لأنه مشكوك فى صحته، ثانياً لأنه قد يضر بالأمن القومى.
وقد ترتب عليه عقد عدة اجتماعات صباح الأحد من جانب أعضاء مجلسى «نقابة الإعلاميين» و«الأعلى للإعلام» كل على حدة لمناقشة ما صدر من جانب «موسى».
وفى السياق نفسه، أصدرت «غرفة صناعة الإعلام» بياناً تناشد فيه الإعلام الوطنى الالتزام بأمن مصر وشعبها، وتضمن البيان أن «الغرفة تتابع التناول الإعلامى للحادث الإرهابى الغاشم على طريق الواحات وتناشد إعلامنا المصرى الوطنى ألا يسمح للإرهابيين وإعلامهم والمتربصين بمصر بتحقيق مخططاتهم الإرهابية الخبيثة من خلال نشر معلومات غير دقيقة وكذلك التسجيلات الصوتية غير الموثقة لما تثيره من بلبلة وارتباك وتهز الثقة فى أجهزة أمننا المتفانى فى الدفاع عن أمن الوطن بدم وأرواح أبنائنا من الضباط والجنود.
كما تهيب الغرفة بأعضائها الاعتماد فقط على المصادر الرسمية والالتزام بها وتؤكد الغرفة كامل ثقتها فى أجهزتنا الأمنية وقدرتها على التصدى لتلك العمليات الإجرامية والتى مهما اشتدت لن تهز مصر وأمنها واستقرارها».
وأكدت الإعلامية إلهام أبوالفتح، رئيسة قنوات «صدى البلد»، أن برنامج «على مسئوليتى» الذى يقدمه الإعلامى أحمد موسى لن يتم إيقافه على الإطلاق، حيث لم يُذَع إلا تسريب واحد عن طريق الخطأ، وسوف يقوم فى حلقة مساء اليوم بالاعتذار على الهواء.
وأضافت «أبوالفتح» أن كل هذه البلبلة الثائرة حوله جاءت من جانب حاقدين على نجاح «على مسئوليتى» وشعبية أحمد موسى. من جانبها، أكدت الدكتورة ليلى عبدالمجيد، أستاذة الإعلام، أن ما حدث من تسريبات لحادث «الواحات الإرهابى» تؤثر على الروح المعنوية للشعب المصرى، كما أنها مشكوك فى صحتها، ويجب وضع ضوابط محددة وملزمة لمعالجة الإعلام لمثل هذه الحوادث حتى لا تتسبب فى حدوث «بلبلة» فى المجتمع، وعلى الإعلاميين مقدمى البرامج الابتعاد قليلاً عن «شهوة الانفراد» من أجل مصلحة الوطن والروح المعنوية لجنود القوات المسلحة والشرطة المصرية.
وعبرت الدكتورة نهال عبدالرحمن، وكيل الكلية الكندية الدولية للإعلام CIC، عن غضبها من الحلقة، قائلة: «مخالفة لميثاق الشرف الإعلامى»، وأضافت: «الحلقة تعرضت لانتقاد كل زملائه فى برامج التوك شو فيما بعد، ونحن فى وقت علينا جميعاً أن ندعم مؤسسات الدولة، ولا نهدمها بالتسريبات غير الموثقة، ولا تضيف شيئاً».
صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، قال إن الأداء المهنى يستلزم من الإعلامى التدقيق فى المحتوى المعروض، وإعمال العقل، حتى يتبين أنها تخدم أهداف الوطن ولا تمثل دعاية مضادة والذى لم يتوفر فى الحلقة، وما أذاعه يدل على تحيز معوج يضر بمصداقيته لدى الرأى العام.
