الفرحة ليست المشهد الأخير في قصة تتغير فصولها حتما، إذ مرت سريعا نشوة أكراد العراق بالنجاح في إجراء استفتاء يرونه تاريخيا و يراه كثيرون مغامرة غير محسوبة.
بدأ أطراف أخرى للقصة في إعداد “فواتير الحساب” وطرق الرد على ما جرى، فالجار الشمالي المشحون غضبا وقلقا من عواقب الاستفتاء، كان صاحب النبرة الأعلى في التهديد والوعيد.
ووصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ما فعله إقليم كردستان العراق كمن يلقى بنفسه في النار، وصب جام غضبه على رئيس الإقليم، مسعود برزاني، وطالبه بأن يكتفى بما لديه من نفط وثروة.
أما رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم ونائبه، لم يكونا أقل حدة من رئيسهما في التلويح بأقسى رد على أي تهديد لأمن البلاد على الحدود.
وبالتزامن مع استمرار المناورات العسكرية على تخوم إقليم كردستان العراق، أعلنت أنقرة أنها أوقفت رسميا برنامج تدريب قوات البشمركة ردا على استفتاء الانفصال.
ومع تلويحها باتخاذ خطوات عقابية أخرى، أكدت الحكومة التركية أنها عازمة على اقتصار تعاملاتها مع الحكومة المركزية في بغداد.
ويأتي القرار بعد اتصال هاتفي بين يلدريم ونظيره العراقي حيد العبادي، الذي أفضى إلى اتفاق على تنسيق علاقات اقتصادية وتجارية بين بلديهما.
كما أسفرت الاتصالات عن توافق لاحتمال عقد اجتماع بين مسؤولين من تركيا وإيران والعراق، لمناقشة الوضع في أعقاب الاستفتاء، الذي أوجد توافقا نادرا بين الدول الثلاث رغم كثرة خلافاتها.
وتعارض الحكومة المركزية في بغداد استفتاء الاستقلال، وقالت إنها لن تعترف به وحثت الدول الأجنبية على وقف استيراد النفط الخام مباشرة من إقليم كردستان العراق، وقصر التعاملات فيما يتعلق بالنفط على الحكومة المركزية.