قصة إذاعة البيان الأول لثورة يوليو..الذي كتبه “حماد” وراجعه “نجيب” وقرأه “السادات”

 البيان الأول لثورة 23 يوليو 1952 الذي حمل العديد من العبارات القوية، نتيجة ما تعرضت له مصر من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم. “اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير”، هي أول جملة في البيان.

 وكان صوت الرئيس الراحل محمد أنور السادات، هو ما نسمعه يلقى البيان الأول لثورة يوليو 1952، في احتفالات الشعب المصري والقوات المسلحة بذكري الثورة.

البعض لا يعرف من كاتب البيان، والآخر يتذكره في فترات قصيرة، اللواء أركان حرب جمال حماد، كاتب بيان الثورة الأول، ولد عام 1921، وتخرج في الكلية الحربية منتصف أبريل 1939، وبدأ خدمته العسكرية في السودان، ثم انتقل لمنطقة القناة، ثم إلى الإسكندرية في الحرب العالمية الثانية، وراجعه اللواء أركان حرب محمد نجيب.

ومرت كلمة الرئيس أنور السادات ببعض الصعوبات، حيث وصل الرئيس الراحل في الساعة السادسة والربع صباحًا يوم 23 يوليو إلى استديوهات الإذاعة، وأبلغ السادات مذيع الفترة الصباحية أنه سيجري بعض التغييرات في برنامج الإذاعة، لوجود بيان مطلوب إذاعته.

وعلى الفور وافق المذيع فهمي عمر، رغم وجود حراسة عسكرية مشددة، وبعدها دخل السادات الاستديو لإذاعة البيان، عقب المارش العسكري، الذي يعقب افتتاح المحطة، ولكن المهندسين أبلغوا المذيع أثناء إذاعته المارش العسكري، بأن الإرسال قطع من محطة أبو زعبل.

وبعدها خرج السادات من الاستديو لإبلاغ القيادة بما حدث، مع استمرار عمر في تقديم البرنامج، وبعدها بنحو 40 دقيقة من انقطاع الإرسال، أبلغ المهندسون المذيع أنه على الهواء، وكان ذلك في السابعة وثلاث عشرة دقيقة.

وأبلغ فهمي عمر السادات بعودة الإرسال، وعندما طلب السادات بإلقاء الكلمة، قال المذيع له إنه يمكن بعد انتهاء فقرة القرآن الكريم التي ستنتهي عقب دقيقتين، والحديث الديني الذي يستغرق 10 دقائق.

ورفض السادات وقرر إذاعة البيان عقب فقرة القرآن الكريم، قائلًا “أحاديثكم هي التي خدرت الناس”، وفي السابعة والربع، استعد المذيع لتقديم أنور السادات لإذاعة البيان، ولكن للمرة الثانية انقطع الإرسال من مصلحة التليفونات، ما أغضب السادات، وعاد الإرسال مرة أخرى في الساعة السابعة وسبع وعشرين دقيقة.

وفي الساعة السابعة والنصف صباحًا، قدم المذيع فهمي عمر، الرئيس الراحل، بصفة أنه مندوب القيادة، كما طلب منه السادات، وأذاع السادات البيان الأول للثورة في مستهل نشرة الأخبار التي كان يتابعها الشعب المصري، واستغرق البيان دقيقتين ونصف.

وجاء نص البيان: “حمل نص البيان الأول للثورة عبارات شديدة، وجاء فيه، اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون المغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين”.

وأضاف البيان: “وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمره إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم، ولا بد من أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب، أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين، فهؤلاء لن ينالهم ضرر، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب”.

وتابع البيان: “وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح المواطن في ظل الدستور مجردا من أي غاية، وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف، لأن هذا ليس في صالح مصر وأن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل، وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال، وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاونا مع البوليس، وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسؤولاً عنهم والله ولّي التوفيق اللواء أركان حرب محمد نجيب”.

Exit mobile version