قال عبد الحكيم معتوق المتحدث السابق باسم الحكومة الليبية المؤقتة إن قطر شكلت رأس الحربة في الكارثة التي حلت بالشعب الليبي عبر دعم وتمويل عصابات التوحش واستغلال المال السياسي وذراعها الإعلامية ممثلة بقناة الجزيرة، التي مارست التضليل الإعلامي وفبركة التقارير والتزييف الإعلامي.
وأوضح المعتوق في تصريح لـصحيفة «البيان» الإماراتية أن تنظيم الحمدين لعب دورًا محوريًا في إسقاط النظام السابق، الذي – وبمعزل عن الجدل حوله – إلا أن ما حصل في ليبيا وبلدان أخرى، بما اكتسته من لباس ديني، لا يملك صلة بالشعارات التي «استغفل السذج بها»، وجرى تحريكهم كوقود للمحرقة التي التهمت الأخضر واليابس.
وأكد معتوق أن قطر قامت من خلال العمل الدبلوماسي المكثف الذي قام به وزراء خارجيتها المتعاقبين بشراء ذمم كثير من الدبلوماسيين الليبيين.
وتحدث عن دور رئاسة الأركان القطرية في الإشراف المباشر على نقل السلاح والذخائر إلى ليبيا عن طريق تونس بعد الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي، في واحدة من سلسلة حلقات الاجهاز على ليبيا وتشريد شعبها من خلال جماعات «جنودها على الأرض قطعان الخوارج من الإخوان والقاعدة وأنصار الشريعة، في غفلة عن الوعي الجمعي للشعب الليبي والعربي».
وتابع أن تآمر قطر لم يقتصر على ليبيا، بل وعلى دول الجوار في المجموعة الخليجية، «التي ترتبط معها بأواصر القربى والمعاهدات والمواثيق والعهود».
وأضاف أن قادة قطر تجاوزا حدود المنطق وعملوا على القيام بدور أكبر من قدرتهم على القيام به، ظنًا منهم أن تمكين الإسلام السياسي من قيادة المنطقة العربية سيحقق لهم طموح الزعامة الزائفة بإقامة دولة دينية ومركزها ليبيا، وينجحوا في الاستيلاء على مصادر الطاقة والتحكم في أولئك الذين سيصبحون أمراء الدولة الدينية الجديدة في المغرب العربي كما في المشرق، وصولًا إلى الخليج.
ودلل معتوق في هذا السياق على رهان قطر على عبد الحكيم بلحاج، الذراع اليمين لأسامة بن لادن، وزعيم الجماعة الليبية المقاتلة، ودعمه بالمال والسلاح وتلميعه ومساعدته في تشكيل حزب سياسي والإنفاق عليه أملًا في وصوله للسلطة.
واعتبر أن الدوحة وضعت نقاط ارتكاز كثيرة من عناصر تنظيم الإخوان، فرع ليبيا، والدفع بهم فرادى وأحزابًا للفوز في أول انتخابات تجري في ليبيا منذ عقود، وإقامة ما عرف بالمؤتمر الوطني العام، حيث نجحوا آنذاك في إقصاء التيار المدني الذي كان يمثله «محمود جبريل» آنذاك وهو تحالف القوى الوطنية.
وتابع أنه من «أهم الشخصيات الإسلامية التي تم التعويل عليها في هذا الاستحقاق الانتخابي عبد الرحمن السويحلي ومحمد المقريف ومحمد صوان وعبد الرزاق العرادي ونزار كعوان، والتي كان يحركها المرجع العام للتنظيم علي الصلابي من مكتبه في الدوحة وبالتفاهم مع حكام قطر».
وأضاف أنه عندما انتهت ولاية المؤتمر العام بفشل ذريع في إدارة شئون البلاد، وإثارة الفتن وافتعال الاقتتال بين القبائل، ومسلسل الإقصاء والتهميش عبر قانون «العزل السياسي» وتشكيل ميليشيات وأذرع مسلحة – انتفض الشعب الليبي، ذهبت قطر إلى إعادة صياغة المشهد من جديد.
وبدلًا من ترك الليبيين يقررون مصيرهم، دفعت بالأوضاع نحو العنف لفرض أجندة الإسلاميين بالقوة، حيث انقسم أعضاء المؤتمر وذهبوا إلى انتخابات جديدة رشح عنها برلمان جديد.
ولكن نظرًا لرفض الإسلاميين لها، جرى الانقلاب على المسار الديمقراطي بإيعاز قطري صريح، وانتهى الأمر بتشكيل فصيل مسلح سمي بـ «فجر ليبيا» بقيادة صلاح بادي، الذي حصل على الدعم الكامل من قطر، مكنه من ممارسة جرائم التخريب وتدمير المنشآت الحيوية كمطار طرابلس وفي الهلال النفطي، فضلًا عن حروب المدن التي رافقتها حملات الدهم والاعتقال والتهجير القسري لكل من يخالفهم، وبأوامر مباشرة من الدوحة.
وفي سياق الحديث عن دور قطر التخريبي أعاد معتوق الأذهان إلى تصريحات رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني الذي صرح لصحيفة «الكوريرا دي لا سيرا» منذ عامين بأن ما حصل في ليبيا هو صراع قطري على الغاز الليبي.
وقال معتوق إن «إنجازات» قطر في ليبيا تمثلت في إعادة هذا البلد لقرون إلى الوراء، وأن «الخبث القطري» يأتي في عمق دائرة فعل التخريف والإحساس بوهم السيطرة على ليبيا وتحويلها إلى بقرة حلوب لتغذية كل العمليات القذرة في مصر وتونس والخليج العربي، بغية زعزعة الأمن والاستقرار في تلك الدول، من خلال إيواء الحركات الإرهابية أو الزعامات التي تحرض على القتل والعنف.
وختم معتوق بأن ما قامت به قطر فاق كل تصور، ووصل الأمر بحكامها إلى إحداث شرخ في منظومة الأمن القومي العربي وخرق ميثاق جامعة الدول العربية، داعيًا إلى أن لا تكون معاقبة قطر آنية، بل يجب استبعادها من البيت العربي، كما تم استبعادها من البيت الخليجي.