قال خالد بن حمد المالك إعلامي سعودي رئيس تحرير جريدة الجزيرة السعودية، إن قطر تتحدث عن سيادتها، معتبرة أن ما تطالب به المملكة والإمارات والبحرين ومصر إنما هو تدخل في سيادتها، فترفض المطالب لهذا السبب، وأسباب أخرى جوهرية بنظرها، لعل أهمها أنها لا تعترف بدعمها للإرهاب بالإيواء لعناصره والتمويل والخدمة الإعلامية له، مع أن الملفات التي كانت تحاط بسرية قد تم فتحها، وبالتالي كشفت عن أن قطر غارقة في المستنقع الملوث بمؤامراتها.
وأضاف المالك، فى تصريح له، أن لقطر كما لغيرها من الدول أن تمنع المساس بسيادتها، وأن تحول دون أي قرار يمس هذه السيادة، وأن تدافع عن ما تعتبره حقًا سياديًا لها وفق القوانين الدولية، ولها أن تستخدم كل إمكاناتها للدفاع عن حق لا ينازعها عليه أحد، وهي في هذا الموقف لن تُلام أو تُخطأ أو يُقال أن ما تفعله إنما هو قرار متسرع وتصرف غير حكيم، بل الخطأ فيما لو جاء من يطالبها بالتنازل عن حقوقها السيادية أو التفريط بشيء من مصالح الشعب وحقوق الدولة.
وذكر أنه من الواضح أن أحدًا لم يطالبها بذلك، ولم يتدخل بما يُعَدُّ ضمن دائرة حقوقها السيادية، لا الآن ولا في الماضي ولن يكون في المستقبل، بل إن دول مجلس التعاون – تحديدًا – في جاهزية عالية للدفاع عن هذه الحقوق وحمايتها ومنع كائن من كان من المساس بها، متى طلبت قطر من شقيقاتها التدخل والتعاون معها في منع أي تهديد خارجي ينال من سيادتها ويعرّض أمنها للخطر، ومن الطبيعي أن عدم مساعدتها ناشئ لأن قطر لم تطلب العون من الشقيقات، وبالتالي واحترامًا لهذه السيادة التي تدعيها الدوحة فلم تتدخل هذه الدول في شأن داخلي يخص قطر.
وتابع: امتدادًا لذلك، أسأل دولة قطر ماذا يعني لها وجود الإخوان المسلمين في أراضيها والقاعدة التركية فيها، وتأثير حزب الله وحماس على قراراتها المصيرية، إن لم يكن مساسًا بقرارها السيادي، وتدخلًا سافرًا – برضاها – في شؤونها الداخلية، نكاية بالأشقاء ودول الجوار، وعدوانًا وتآمرًا عيلهم، حتى وإن جاء ذلك على حساب ما تقول قطر إنه حقها السيادي، أي أنها تتعامل بوجهين وبمفهومين وتفسيرين للسيادة الوطنية التي تزعم بأنها تتمسك بها، بينما هي تفرط بكل ذلك إذا كان الطرف الثاني أجنبيًا، ولا تتنازل عنه حين يكون الطرف الأخير شقيقًا وجارًا، مع أن الأخير لم يتدخل، وما تدعيه قطر لا يعدو أن يكون أوهامًا لدى سلطة قطرية مريضة.
وأكمل حديثه: أكثر من هذا، أسأل دولة قطر أيضًا، وهل بقي لديها من سيادة تحافظ عليها، وتدعي عدم التفريط فيها، بعد أن باعت الأرض والقرار والمستقبل لغيرها، فهذه قاعدة أمريكية، وتلك قاعدة تركية، وهذا حزب الله وحماس والقاعدة والنصرة، وذاك عزمي بشارة وخالد مشعل والقرضاوي وغيرهم، ودون أن ننسى قناة الجزيرة بأشخاصها وبرامجها، وكل هؤلاء تتوزع الأرض القطرية الصغيرة عليهم، بما يشبه بيعها وتمليكها لهم، أما القرار القطري المستقل بمفهومهم والسيادة الوطنية المزعومة، فلا نقول أمام ما تراه العين وتسمعه الأذن، إلا الله المستعان.
وقال إن أزمة قطر، الدولة والشعب والقيادة، لا تُعالج بإنكار دورها الإرهابي الذي هو العين المبصرة في نظام قطر، فترى فيه حقها السيادي، ومن ثم فهي لا تسمح بأن تُمَسَّ هذه العين بسوء، في سوء تقدير، وجهل مطبق، والتفاف على الحقائق التي عرَّتْ قطر، وكشفتْ عن عبث شيوخها بمقدرات المواطنين القطريين، في ظل حماية أجنبية تتسابق الدول والمنظمات والأفراد في الحصول على حصة للتواجد الغامض والمشبوه في الأراضي القطرية.
وأكد أننا نريد لدولة قطر أن تبقى مستقلة، يحميها إيمانها وتمسكها بالسيادة، وعدم تنازلها عن أي حق لها، ونريدها صاحبة القرار الأول والأخير في إدارة شؤون الدولة، ونريدها أكثر أن تمارس سلطتها دون تدخل أجبنبي، ومن غير ارتهان لسياسات معادية، بل ونريد أن تكون هذه الدولة الصغيرة في مساحتها وعدد سكانها وتواضع قدرات حكامها متمردةً من الآن على كل من كبَّلها ووضعها في أسوأ حال، وسلب منها قرارها الوطني، فلا نرى في المستقبل مما يصدر عنها إلا الخير والحب والجمال، وليس التطرف والإرهاب والتدخل في شؤون دولنا.
وشدد أننا لا نريد أن تكون قطر في مزاد للبيع، ولا نسمح لها بذلك، فما يصيبها من مرض، وما تعانيه من ارتباك، ومن هيمنة العدو على مصالح شعبها يؤذينا ويقلقنا، ويعرّض مصالحنا نحن الدول الشقيقة للخطر، ومن هنا نتحاور معها، وربما نزعجها بكلماتنا، وهدفنا أن يصحو حكامها من سباتهم، أن يتعافوا من آثار الجرائم التي أساءوا بها لجيرانهم، وأن يصبحوا أحرارًا بعد سنوات من السيطرة الأجنبية عليهم، فلم يعد أمام الأشقاء من خيار آخر بديلًا للمواجهة الشجاعة القابلة للتصعيد لحماية قطر وأشقائها من غدر العدو، والتخلص من ترصده للبحث عن توسيع الخلافات بين قطر وبقية دول مجلس التعاون.
وأوضح، أن الدول الأربعة الراعية لمكافحة الإرهاب حصرت مطالبها بثلاثة عشر مطلبًا، وأمهلت قطر عشرة أيام لتنفيذها، ثم مددت المهلة ثمان وأربعين ساعة، غير أن قطر لم توافق على ما طُلب منها، فكان مؤتمر القاهرة وبنوده الستة، ثم البيان الإلحاقي، وكلها تدين عدم استجابة الدوحة، ورفضها التصالح مع توجه هذه الدول، ما كرَّس القناعة لديها بأن شيوخ قطر غير جاهزين أو مستعدين للقبول بشروط تمنع الدوحة من الاستمرار في دعم وتمويل الإرهاب، والتخلي عن الجهات التي تحركهم للاستمرار في هذه السياسات العدوانية.
وتابع: لابد لي من أن أعيد تذكير شيوخ قطر حمد وحمد وتميم، بأن استمرارهم في لعب دور الدولة المارقة لن تحميهم إلى أبد الآبدين من المحاسبة والعقاب الشديدين، ولن يكون بإمكان إيران أو تركيا أو الإخوان المسلمين مواجهة غضبة الشعب القطري الشقيق، إذا ما وصل الأمر إلى إصرار حكامهم على الخيانة والغدر والتفريط بمصالح الشعب وحقوق الدولة، وامتدادًا إذا ما كان لهذه السياسة غير المتسقة مع مصالح الأشقاء أضرار كما هي الآن، إذ من الطبيعي عنذئذٍ أن تتعامل الدول الشقيقة هي الأخرى مع قطر بما يحمي مصالح شعوبها، ويؤمن الاستقرار لدول المنطقة.
وقال المالك، إن أجمل ما في قطع العلاقات مع دولة قطر، وما تلاها من قرارات، أنها حجَّمت الدور القطري الإرهابي، ومنعت السم القطري من الوصول إلى جسم الدول الخليجية، وجعلت من السياسة القطرية المعادية لدول المنطقة ذات تأثير عدواني أقل مما لو بقيت الأبواب مشرَّعة مع الدوحة، إذ إن إقفال خطوط النقل برًا وبحرًا وجوًا، منع استخدام وسائل النقل من الوصول إلى الأهداف المحددة للعدوان على مواقع في الدول الشقيقة لقطر.
وأخيرًا: هل شروط الدول الأربعة المملكة والإمارات والبحرين ومصر – وكلها تتمحور حول منع الإرهاب القطري من الوصول إلى أراضي هذه الدول – تعجيزية أو محاولة لإقصاء قطر عن محيطها الخليجي، أم أنها مساعدة لقطر لتتجاوز أزمتها، وتمكنها من الانتصار على أعدائها والمتآمرين عليها وعلى دول الخليج، سؤال يجيب عليه الموقف القطري الصادم، برفض عروض الوساطات التي تركزت على نصيحة الدوحة بأن تستجيب لشروط الدول الأربعة، وتفتح صفحة جديدة لعلاقاتها مع غيرها من الدول، وكل هذا مرهون بوصول موافقتها على الشروط الثلاثة عشر التي تنهي سنوات من الغليان والتحمل للمؤامرات القطرية المتواصلة.