نشرت “العربية.نت” تقريرًا مفصلًا تروي خلاله علاقة فضائية الجزيرة القطرية، بـ “اتحادات العلماء” القطرية، وأبرزت في البداية وجود مراسليها خلال اجتماع رؤساء وأمراء الجماعات والأحزاب الاسلامية “السنية” الكردستانية في 5 أبريل 2017، وذلك لبحث أمرين: الأول مسألة استفتاء استقلال الإقليم، والثاني توحيد الجهود الإسلامية الكردية بالدرجة الأولى لتكوين مراجع مشتركة وتقريب وجهات النظر والتنسيق في العمل في إطار سياسي واحد ومرجعية واحدة.
وسريعاً ما إن تفرع عن هذا الاتحاد المئات من الهيئات والروابط والاتحادات الإسلامية شملت مختلف الدول العربية والإسلامية “السودان وموريتانيا واريتريا والصومال وليبيا وتونس والمغرب وسوريا ولبنان والعراق، وفلسطين وشمال القارة الآسيوية وغيرها من البلدان”.
حتى امتدت إلى الدول الغربية، وكان منها “المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث”، وعقد لقاءه التأسيسي برئاسة القرضاوي، ونائبه علي قرة داغي، في مدينة لندن ببريطانيا في مارس 1997، إلى جانب عدد آخر من بينهم راشد الغنوشي رئيس “حزب النهضة” التونسي وسلمان العودة.
وفي يناير 2010 أعلن عن إنشاء ما يسمى “رابطة علماء المسلمين”، والتي تهدف على حد قولها لتكوين “مرجعية عالمية راشدة”، والتي عقد اجتماعها التأسيسي في الكويت، ويرأسه اليوم السعودي ناصر العمر، إلا أن هذه المرة كانت الرابطة لتضم الجناح الثاني للإخوان المسلمين، وهو التيار “السلفي السروري”، بهدف تمكين الجماعة من الامتداد في الأوساط الخليجية.
وشدد التقرير على أن هذه الروابط والهيئات ظلت ورقة قطرية عابرة للقارات، تخوض من خلالها تطبيق مشروع جماعة الإخوان المسلمين، ولتكون بالدرجة الأولى ضد الجهاز الديني الرسمي كالأزهر وهيئات الإفتاء الرسمية.
في أبريل 2010 أعلنت رابطة العلماء السوريين (وهي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، عن حصولها على ترخيص حكومي من قبل السلطات التركية، وكانت قد تأسست هذه الرابطة في أوروبا 2006، وضمت عدداً من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في المهجر، تتلقى الرابطة دعمها من قبل قطر. وكما سبق أن أعلنت صحيفة “الراية القطرية” في فبراير 2014 عن عقد اتفاقية شراكة ما بين جمعية “قطر الخيرية” والرابطة تحت ستار تقديم المساعدات للاجئين السوريين في تركيا، في 2012 ومن قطر أعلن عن إعادة تأسيس رابطة علماء الشام، التي أنشئت في دمشق 1938 بهدف “دعم الثورة السورية”.


كان محمد سرور (الذي توفي في قطر بعد أن استقر فيها في 2013) أحد الأعضاء المؤسسين، كما ضمت عدداً كبيراً من العلماء المعروفين في الإخوان المسلمين، تولت الرابطة تقديم الفتاوى في الجهاد والحدود والجنايات وفتاوى القضاء والشهادات.
أما في أبريل 2014 أعلن عن تأسيس المجلس الإسلامي السوري وهذه المرة جاء من إسطنبول، بمباركة من جماعة الإخوان المسلمين بسوريا، كان كذلك محمد سرور أحد الأعضاء والمؤسسين للمجلس، ووفقاً لدعايتها يعنى المجلس بـ”تأسيس المرجعية السنية (وبالطبع يقصد بها هنا السرورية) للثورة، وجمع الهيئات الشرعية والمنظمات الإسلامية السورية”.
وفي يونيو 2017 انطلقت في مدينة إسطنبول التركية، رسميا ما يسمى بـ”الجبهة التنسيقية لهيئات علماء المسلمين”، يترأسها الداعية السعودي من الأصول السورية “محمد موسى الشريف”.
وتشمل الجبهة 16 جمعية وهيئة موزعة في أكثر من 15 دولة منها: رابطة علماء أهل السنة (مقرها إسطنبول)، واتحاد العلماء في تركيا، اتحاد علماء تركستان الشرقية، وهيئة علماء لبنان، وهيئة العلماء والدعاة في ألمانيا، ورابطة أئمة وعلماء العراق، ومجلس القضاء الإسلامي بجنوب إفريقيا، ومجلس علماء الاتحاد الإسلامي بماليزيا.

وبحسب ما جاء في إعلانها تعمل الجبهة: “كمظلة لعدة جمعيات ناشطة فيما يخص قضايا الأمة الإسلامية خاصة في مناطق النزاعات والصراع، والبلدان التي تواجه أزمات متعددة”.
تجدر الإشارة إلى أن من بين أهداف هذه الجبهة التي يرأسها الشريف تأسيس “المحكمة الشرعية” وتعنى هذه المحكمة بالنظر في مختلف الخلافات الحاصلة بين الفصائل المسلحة، إلى جانب استصدار الأحكام الشرعية بحق المقاتلين والمأسورين.
جميع هذه الروابط والهيئات برجالها وشخصوها تحضر في قطر سواء أكان عبر مركزها “بروكنغز” والذي تأسس بالدوحة 2008، والتابع للنادي الدبلوماسي القطري، أو عبر مؤتمرات وورش عمل تعقدها الجماعات والتنظيمات في فنادق الدوحة الـ7 نجوم.
منها كان مؤتمر رابطة علماء المسلمين (السلفية)، والذي ألقى كلمته الافتتاحية السعودي ناصر العمر قائلا: “إن المؤتمر يهدف إلى تقريب وجهات النظر بين العلماء الشرعيين، بعد ظهور الاختلافات التي حدثت عند الربيع العربي، لأن الأمر خاضع للاجتهادات”.
في هذا اليوم 25 مايو 2012، وفي العاصمة القطرية “الدوحة” ظهر عبدالله المحيسني وناصر العمر يتوسطهما مذيع قناة الجزيرة تيسير علوني في صورة التقطت لثلاثتهم على هامش المناسبة، كشفت عن وشائج العلاقات وأواصر المودة الجامعة بينهم.
بالإضافة إلى جلسة نقاشية نظمها مركز “بروكنغز” في 29 أكتوبر 2014 تناولت مستقبل الجماعات الجهادية في العراق وسوريا، ضمت إحدى جلساتها، أحد مقاتلي جبهة النصرة أذرعتها الإعلامية الأميركي “بلال عبد الكريم” 48 عاماً، والذي ظهر لاحقاً في صورة جمعته بعبدالله المحيسني للاطمئنان عليه بعد إصابته في إحدى المواجهات.
لا يقتصر الدور القطري على عقد الاجتماعات وتعزيز ظهور قيادات الجماعات المسلحة، وإنما كذلك الخروج برسم معالم العمل وخط سير الفصائل والجماعات، كان من ذلك ما برز من خلال تكفل قناة “الجزيرة” بنشر شروحات برسوم توضيحية عن معالم الخط “الجهادي” وفنونه، وديناميكية عمله، إلى جانب توصيف موجز لقيادات الحركات الإسلامية الراديكالية.
كان من ذلك ما جاء بعنوان “الخط الجهادي آليات التمدد والاستمرار”، و”مدركات علماء التيار الجهادي”، بالمقابل جاء في توثيق الجزيرة لأحد أبرز قيادات جبهة النصرة “تنظيم القاعدة” مارية ميسر القحطاني ” أبو مارية الاعتدال في الجهادية المنظمة”، أما “عطية الله الليبي” فجاء العنوان” مؤسس الاعتدال في الجهادية المنظمة”، أما أسامة بن لادن فوصفته بـ “مؤسس الاعتدال للجهادية المنظمة”، وبالمقابل الظواهري” مدير الجهادية المنظمة”.
أما في لبنان واللعب على ورقة الشيعة والسنة من قبل الجانب القطري أعلن في 2014 عن تأسيس ما يسمى “هيئة علماء المسلمين في لبنان”، ووفقاً لبيانها التأسيسي فهي تهدف إلى “نصرة الشعب السوري وثورته المباركة”، انضم إلى الهيئة علماء لبنانيون من جماعة الإخوان المسلمين وكذلك من التيار “السروري”. تتلقى الهيئة دعمها المالي من قطر ما يقدر بـ50 ألف دولار سنوياً إلى جانب الإيرادات المالية التي يحصل عليها أعضاؤها مقابل مشاركاتهم المتكررة بإلقاء المحاضرات في قطر.
يتولى رئاسة الهيئة مداولة ما بين أحمد العمري من الجماعة الإسلامية التابعة للإخوان المسلمين، وسالم الرفاعي (طرد من برلين لتهم تتعلق بالتطرف) الممثل للخط السروري في الهيئة، كلا الرجلين على ارتباط وثيق بقطر.
ورغم دعاية هيئة علماء المسلمين في لبنان فإن إنشاءها جاء لحفظ حقوق السنة من الطائفة الشيعية، إلا أن الهيئة كفت عن قول أي شيء يتعلق بإيران.
لازلنا في لبنان، حيث تأسس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، وأعلن عنه من طهران في 2014، يتولى رئاسة الهيئة التأسيسية محسن آراكي الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية التابع لإيران، أما نائب رئيس الاتحاد فهو آية الله محمد علي التسخيري المستشار الأعلى لقائد الثورة الإسلامية الإيرانية (الخمينية)، من بين أعضاء الهيئة نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، ومفتي النظام الأسدي أحمد بدر الدين حسون والذي يعد أحد أعضاء الهيئة التأسيسية.
ضمت عضوية الاتحاد طيفاً من أعضاء التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس، ومن الناصريين، إلا أن اللافت من بين هذه الأسماء التي عرضت في الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد كان اسم السعوديين حسن الصفار وهاشم الشخص، إضافة إلى البحريني علي الدقاق.
عقد الاجتماع الأول للهيئة التأسيسية في بيروت لإقرار النظام الأساسي للاتحاد في أول اجتماع للهيئة التأسيسية التي أعلن عنها في طهران وذلك في العام 2014.
ولم تقتصر مهام اتحاد علماء المقاومة على رفع شعارات القضية الفلسطينية، وإنما أصدر بياناته السياسية بشأن الأحداث في البحرين وما تبعها من صدور أحكام بحق المتورطين في أعمال الشغب المسلحة والتي سقط خلالها عدد من المواطنين ورجال الأمن، ووصف تطبيق الإعدام بحقهم بـ”العمل المجرم الذي لا يمكن السكوت عنه”.
كما تدخل الاتحاد بشأن تطبيق حكم الإعدام من قبل السلطات السعودية لنمر النمر، وشجب رئيس الاتحاد ماهر حمود ما قاله مفتي السعودية بشأن إيران، كما وقف معارضاً تجاه التحالف العربي والإسلامي في حربه على الحوثي فياليمن.
بالمقابل احتفل اتحاد المقاومة بإعادة النظام الأسدي سيطرته على مدينة حلب قائلاً: “اليوم تحررت حلب من الإرهاب وعادت لحضن الوطن السوري، ورعى الاتحاد توزيع الطعام على أهالي قطاع غزة والمقدمة من قبل ما يسمى بلجنة “امداد الخميني”.
هذا وتعد هيئة علماء المسلمين السنية التي تتلقى دعماً مالياً قطرياً جزءاً من اتحاد علماء المقاومة، ورغم محافظة الأعضاء من الطائفتين وشكلياً فقط على التباين في الأبعاد التنظيمية، إلا أن التطابق يكمن في إعلان الشعارات والمواقف السياسية، كما يربط هاتين الجهتين بعلاقات مع حزب الله.
وتجتمع كافة هذه الروابط والهيئات والاتحادات بالوقوف المعادي أمام أي من السياسات السعودية والإماراتية والبحرينية، كما اتفقت جميعها في بياناتها على التنديد بالقرار الخليجي المتضمن قطع العلاقات مع قطر.