اذا تأملنا في وثيقة حركة حماس الجديدة نجد انها تمثل تغيرا في الخطاب الإعلامي والسياسي للحركة . هذا الخطاب لم يعكس تغيرا طرأ على منطلقات الحركة – حيث لم يمس جوهر مبادئها – بقدر ما هو بالأساس خطاب موجه لخارج كيان الحركة سواء كان للداخل الفلسطيني أو المحيط الإقليمي والعالمي .
وكانت قد أثارت الوثيقة السياسية الجديدة التى كشفت عنها مؤخرا حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” جدلا واسعا فى الأوساط السياسية خاصة وأن الوثيقة ولأول مرة منذ تأسيس الحركة تجاهلت جماعة الإخوان الإرهابية، وأعلنت فك الارتباط معها، كما شددت أن الحركة لن تتدخل فى شئون الدول العربية فى ظل سعيها لتعظم فقط دورها داخل فلسطين كحركة مقاومة هدفها الأول والأخير هو مصير دولة فلسطين فقط .
ورغم أن البعض ضخم بند فك الارتباط التنظيمي بجماعة الاخوان الإرهابية ، بيد أنه لا يعكس إلا الواقع الحقيقي المعمول به على الأرض هذا من جهة ، ومن جهة أخرى هو يمثل سمة بارزة لاتجاه التنظيمات العالمية في مرحلة ما بعد الثورات العربية ، حيث أن التنظيمات ذات الصفة العالمية تميل في هذه المرحلة إلى القطرية اللامركزية ، لما تكسبها اللامركزية والتحرر وفك الارتباط التنظيمي مزيدا من المرونة وقدرة على التفاعل مع الواقع المحلي وحرية في الحركة خاصة في ظل تباين أحوال الاقطار والدول بعد الثورات وخصوصية كل تجربة فيها ، وبحيث لا يشكل الكيان العالمي عبء على الفرع القطري كما لا يتحمل التنظيم العالمي الممارسة الخاصة لفروعه المحلية .
أن هذه الوثيقة ليست إلا مناورة من الحركة و إذا كانت حماس جادة فى هذا الشأن فعليها أن تبرهن مساعيها للانفصال عن جماعة الإخوان الإرهابية إلى واقع .
ولا يغفل على أحد أن جماعة الإخوان الإرهابية كثيرا ما يعلنون فى شعارات لهم مواقف معينة ولكن فى الحقيقة لا يعملون إلا بمبدأ السمع والطاعة فقط ومما لا شك فيه أن هذه الوثيقة قد تمثل وضع استراتيجى جديد تبحث عنه الحركة أو وضع جديد على جماعة الإخوان الإرهابية فى ظل حالة التفكك التى تعانى منها فى الوقت الحالى إلا أن السوابق تؤكد أن دائما ما يجرى على الأرض هو ما يمثل أفعال الإخوان وليس ما يعلنوه .
