يستضيف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الاثنين المقبل، الرئيس عبد الفتاح السيسي في زيارة طال انتظارها وصفتها صحيفة «هافينجتون بوست» الأمريكية بأنها في الواقع تاريخية، وقالت الصحيفة إن الزيارة تثبت أن سياسة الولايات المتحدة الجديدة في الشرق الأوسط تتشكل بسرعة.
وأضافت الصحيفة الأمريكية، في صدر مقال نشرته اليوم، الخميس، على موقعها الإلكتروني، قال «إنه منذ تولي الرئيس السيسي مهام منصبه في عام 2013، كانت أولويته المباشرة هي إعادة الأمن والاستقرار إلى الاقتصاد المصري. وبعد فترة وجيزة، شرعت حكومته فى سلسلة من الإصلاحات الجريئة التى أفضت إلى التوصل إلى اتفاق قوى مع صندوق النقد الدولى لتزويد مصر بـ 12 مليار دولار كمساعدات يتم تفريقها على مدى ثلاث سنوات».
وأضاف كاتب المقال ساشا توبريش، وهو أقدم زميل ومدير لمبادرة حوض البحر الأبيض المتوسط في مركز العلاقات عبر المحيط الأطلسي بمدرسة «جونز هوبكنز» للدراسات الدولية المتقدمة، قائلا: «على مدى السنوات الثلاث الماضية، ظلت الحكومة المصرية ملتزمة بمعالجة جذور عدم الاستقرار والتطرف، وشمل ذلك مبادرات للتعليم، وعمالة الشباب، والضمان الاجتماعي، فضلا عن تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر».
واستطرد «توبريتش»: “يجري أيضا تنفيذ سلسلة من مشاريع البنية التحتية والطاقة الكثيفة العمالة للمساعدة على خفض البطالة وتعزيز الرعاية الاجتماعية”.
وأشار كاتب المقال الذي عنونته «هافينجتون بوست» باسم «زيارة تاريخية للرئيس السيسي إلى البيت الأبيض» إلى أنه في نوفمبر 2016، سمح البنك المركزي المصري بتعويم العملة للمرة الأولى. وانخفض سعر الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، ونتيجة للثقة المستعادة في العملة، وذهبت مليارات الدولارات الأمريكية إلى البنوك المحلية. وفي المقابل، عزز ذلك احتياطيات البنك المركزي الدولية، حيث وصل بسرعة إلى 26.363 مليار دولار في يناير 2017، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس 2011.
ومن المقرر أن يجتذب قانون الاستثمار المصري الجديد الذي يجري مناقشته حاليا في البرلمان استقطاب مستثمرين جدد من شأنها الاستفادة من المزايا الأساسية لمصر مثل موقعها الاستراتيجي والوصول إلى الأسواق المجاورة لأوروبا وأفريقيا من خلال اتفاقياتها التجارية القائمة، فضلا عن التكلفة المنخفضة الشاملة من ممارسة الأعمال التجارية، للعمل بشكل مربح.
وتابع الكاتب الأمريكي، قائلا: “إن شركات منها شركة «بروكتر أند جامبل» و«يونيليفر» و«بيبسيكو» و«كوكا كولا» استخدام مصر كمركز تصدير للعشرات من الدول المجاورة، فضلا عن اكتشافات النفط والغاز الأخرى في شرق البحر الأبيض المتوسط من قبل «إيني الإيطالية»، وكذلك في الصحراء الغربية من قبل «أباتشي» ومقرها ولاية هيوستن الأمريكية”، مؤكدة أن كل ذلك أعاد وضع مصر كمركز للطاقة، ومكان مشرق في محافظ هذه الشركات.
وتحت عنوان «في عهد الرئيس السيسي – مصر تتحرك في الاتجاه الصحيح»، أضاف الكاتب الأمريكي أن “العلاقة الثنائية بين مصر والولايات المتحدة قوية، إذا لا تزال أمريكا واحدة من الشركاء التجاريين الرئيسيين مع مصر، إذ وصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى نحو 5 مليارات دولار من السلع والخدمات الصرف وفقا لإحصائيات العام الماضي 2016”.
وأشار إلى أن الاستثمارات الأمريكية المباشرة إلى مصر بلغت 2.3 مليار دولار، وهو ما يمثل 32 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا.
واستطرد أن أكثر من 1100 شركة أمريكية في مصر تعمل، في ضوء ما شرعت الدولة في تنفيذه من مشاريع ضخمة، أبرزها التوسع في قناة السويس المائية، وتسهيل حركة المرور في اتجاهين، والتقليل من وقت الانتظار للسفن العابرة، وزيادة القدرة العددية للممر المائي، تحسبا للنمو المتوقع في التجارة العالمية.
وقال إن مشروع تطوير منطقة قناة السويس يعتبر مشروعا ضخما، وهو يهدف إلى جذب الاستثمارات حول منطقة السويس وتطوير المدن المجاورة حول القناة وإنشاء مناطق صناعية ووادي تكنولوجي ومركز لوجيستي وساحة لبناء السفن ومزارع أسماك، إلى مشاريع أخرى محتملة.
ومن وجهة نظر اقتصادية، فإن مصر تنحى على مسار صعودي نحو انتعاش الاقتصاد، إذ تلعب دورا حاسما في التوسط في السلام في الشرق الأوسط، موضحة أنه الدور الذي لعبته دائما بشكل رئيسي في التوسط لعمليات السلام في الشرق الأوسط.
وأعلن الرئيس ترامب عن أن المبادرة الدبلوماسية الإسرائيلية الفلسطينية يجب أن تكون «جهدا إقليميا»، وأن تشمل مجموعة من الدول العربية، مؤكدة أن مصر بالتأكيد تتصدر القائمة.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها المنشور اليوم، منذ تولي السيسي منصبه، كان دور مصر بناء بشكل متزايد.
ماذا تحتاج مصر من الولايات المتحدة؟
وبعد عدة سنوات اتسمت بسوء فهم كبير في العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة، تؤكد «هافينجتون بوست» أنه يجب على مصر أن تستأنف دورها كشريك أمريكي موثوق به وثابت في منطقة مضطربة، ما يدعم دورها في مكافحة الإرهاب.
ويختتم الكاتب مقاله بأنه المهم جدا أن يعمل الجانبان معا على تعميق العلاقات الثنائية على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، وهذه الفرصة متاحة الآن على جانبي المحيط الأطلسي.