حرص الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، خلال أسبوعه الأول، على تحقيق أكبر قدر من الوعود التي كان قد أطلقها خلال حملته الانتخابية،
وهو ما أرجعه المراقبون إلى أمرين: أولهما أن الرئيس الجديد يحاول تدمير إرث سلفه الديمقراطي “باراك أوباما”،
من خلال الموافقة على كافة المراسيم والاتفاقيات التي كان يرفضها أوباما، ورفض ما كان يسعى الرئيس السابق إلى تعزيزه،
فيما أرجع بعض المراقبين خطوات ترامب السريعة في تنفيذ وعوده إلى محاولة إعطاء المصداقية لشخصيته الرئاسية.
بعيدًا عن السبب الحقيقي وراء اشتعال البيت الأبيض بالأحداث خلال أقل من أسبوع على تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، تأتي الخطوة المفاجئة التي أقدم عليها الرئيس ترامب أمس الاثنين، بتوقيعه على مذكرة تقضي بإنهاء مشاركة بلاده في اتفاقية التبادل الحر عبر المحيط الهادئ التي خاضت إدارة سلفه “باراك أوباما” مفاوضات شاقة استمرت سنوات للدخول إليها.
إنهاء “ترامب” مشاركة بلاده في الاتفاقية لم يكن مفاجئًا لمتابعي الحملة الانتخابية له، حيث سبق أن وعد ترامب بإلغائها بعد أن وصفها خلال حملته الانتخابية بأنها “رهيبة ومن شأنها الإضرار بمصالح العمال الأمريكيين”.
ما هي اتفاقية التبادل الحر عبر المحيط الهادئ؟
هي اتفاقية تم توقيعها في نيوزيلندا بين 12 دولة في فبراير عام 2015، وهي: أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان والمكسيك وماليزيا ونيوزيلندا وبيرو وسنغافورة والولايات المتحدة وفيتنام، وتسمح هذه الاتفاقية بإقامة أكبر منطقة للتبادل الحر في العالم، وتهدف إلى إزالة الحواجز أمام التجارة والاستثمار بين الدول الاثنتي عشرة، التي تمثل نحو 40% من الاقتصاد العالمي، على ألا تشمل الاتفاقية الصين ثاني اقتصاد في العالم، والتي استبعدت من المفاوضات.
تنص الاتفاقية على تخفيض أو إلغاء معظم الرسوم على كل المنتجات، من لحوم البقر ومنتجات الألبان، والسكر والأرز والمحاصيل الزراعية والمأكولات البحرية، وصولًا إلى المنتجات المصنعة والموارد والطاقة، وتشمل أيضًا قطاعات مثل تبادل المعلومات والملكية الفكرية التي لم تكن تشملها الاتفاقات السابقة المتعددة الأطراف.
كان الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، من أشد أنصار وداعمي هذه الاتفاقية، التي جاءت بعد جولات شاقة ومفاوضات متعددة، استمرت نحو خمس سنوات، حيث رأت فيها إدارته وسيلة لوضع قواعد التجارة الدولية والتصدي للقوة الصاعدة للصين، وثقلًا موازنًا للنفوذ المتنامي لبكين، وقد ظهر هذا الدعم في إشادة الرئيس الأمريكي بالاتفاقية عقب توقيعها، حينما قال إن الاتفاقية تعزز موقع الاقتصاد الأمريكي مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى، وأضاف حينها: اتفاقية الشراكة للمحيط الهادئ تسمح للولايات المتحدة وليس للصين بوضع خريطة طريق القرن الـ21، وهذا أمر مهم في منطقة تتسم بالحيوية، مثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وحض أوباما الكونجرس الأمريكي على التصديق على هذه الاتفاقية في أسرع وقت ممكن؛ ليتمكن اقتصادها من الاستفادة فورًا من عشرات المليارات من الدولارات، إلى جانب فرص كبيرة للتصدير.
مصير الاتفاقية بعد خروج أمريكا
لا شك أن خروج أمريكا من اتفاقية الشراكة سيُحدث هزة قوية في أعمدة الاتفاقية، الأمر الذي دفع باقي أعضاء الاتفاقية إلى البحث عن بديل لأمريكا، حيث أعلن رئيس وزراء نيوزيلندا، بيل إنغليش، أمس الاثنين، أن بلاده تعمل على خطة بديلة عن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، مشيرًا إلى إمكانية مشاركة الصين فيها، وأضاف “إنغليش” أن قرار الرئيس الأمريكي بالانسحاب من اتفاقية الشراكة، التي لا تزال تحتاج إلى التصديق، لن يمنع بالضرورة الدول الـ 11 الأخرى من العمل على نسخة معدلة من الاتفاقية.