الديمقراطية العسكرية تجتاح أمريكا

في home-slider-left, تقارير وتحقيقات, عرب وعالم

كتب- محمد الشريف

تسبب إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب “دونالد ترامب” لاختياره لعدد من العسكريين المتقاعدين في الجيش الأمريكي لتولي مناصب عليا في حكومته القادمة، حالة من القلق لدي الكثير من الساسة والخبراء الأمريكيين والدوليين، وخاصة أنه حالة جديدة أن يحدث ذلك.

واختار “ترامب” خمسة من العسكريين المتقاعدين لتولي مناصب حساسة في الإدارة الأمريكية الجديدة ، سابقة في تاريخ البلاد التي تعتبر نفسها رمزًا للمدنية والديمقراطية في العالم ، ولم يحدث أن تولى هذا العدد الكبير من العسكريين مناصب حساسة في الحكومة الأميركية.

وياتي تعيين هذه النسبة الكبيرة من العسكريين في مناصب عليا أمرًا غير طبيعي وغير معقول في عالم السياسة المعاصر ، وهو الأمر دفع الكثير من الدبلوماسيين والمحامين والمسؤولين الرفيعين إلى إبداء تخوفهم من تعيينات “ترامب” المرتقب، والذي يعتقد هؤلاء أن “ترامب” يعول كثيرا على القادة العسكريين لكي يمنح شكلا جديدا لسياسات امريكا الأمنية والخارجية في عهده الرئاسي.

وجاءت من ضمن الاختيارات اختيار العسكري المتقاعد “جيمس ماتيس” وزيرا للدفاع ، والعسكري المتقاعد “مايكل فلين” مستشارا للأمن القومي ، و”جون كيلي” وزيرا للأمن الوطني ، و”مايك بومبيو” وهو من خلفية عسكرية وخدم في الجيش في حرب الخليج ،  لقيادة وكالة الاستخبارات المركزية، في حين اختار “ستيفن  بانون” ، وهو ضابط بحري سابق،كرئيس الاستراتيجية في البيت الأبيض وكبير مستشاريه، وعرف عنهم جميعا تبنيهم لسياسات متشددة سواء تجاه القضايا الداخلية مثل الأمور التي تتعلق بالأقليات أو الهجرة ، أو الخارجية كالعلاقة بالصين وروسيا وإيران أو الموقف من الإسلام والمسلمين.

 

“ماتيس”.. المحارب الراهب

يعتبر جيمس ماتيس، المولود في  8 من سبتمبر عام 1950 في “بولمان” بواشنطن ، وترقى في الرتب العسكرية والمناصب حتى أصبح جنرالًا ، رئيسا للقيادة المركزية، من أبرز المشاركين شارك في غزو أفغانستان والعراق ، واشتهر بحربه الشرسة على الفلوجة عام 2004، حتى اختاره الرئيس المنتخب “دونالد ترمب” نهاية 2016 وزيرا للدفاع ، وهو أعزب ومتعطش للقراءة ودارس للتاريخ العسكري، ما جعله يحصل على لقب “المحارب الراهب”.

بدأ ماتيس مساره العسكري في قوات المارينز وعمره لما يتجاوز 19 ، وخدم طوال حياته داخل الجيش ، وترقى في المناصب حتى أصبح رئيسا للقيادة المركزية برتبة جنرال، قبل أن يعين وزيرا للدفاع عام 2016.

قاد عدة وحدات عسكرية في مناطق متعددة من العالم ، لكن عام 1991 شكل نقلة فاصلة في حياة “ماتيس” عندما شارك في الحرب ضد العراق قائدًا للقوات القتالية ، كما شارك في غزو أفغانستان عام 2001 ، حيث تم قصف القرى والمدن بمختلف أنواع الأسلحة ، ما خلف مقتل وجرح الآلاف.

وعام 2003 كان “ماتيس” من الذين شاركوا في غزو العراق وإسقاط نظام صدام حسين ، وعرف بقيادته للقوات الأميركية والبريطانية التي هاجمت الفلوجة عام 2004 لدفع المقاومة بها للاستسلام ، بينما وصفت بأنها “حرب إبادة” تعرضت لها المدينة .

كما عرف ماتيس بتصريحاته المثيرة التي تجد لها صدى وسط الجنود الأميركيين، بينها مثلا ما أعلنه عام 2005 في حلقة نقاش حول حركة طالبان أنه “من الممتع إطلاق النار على الناس”.

وقد أحالته إدارة أوباما للتقاعد عام 2013 بسبب مخاوف حول تحمسه “أكثر من اللازم” لمواجهة عسكرية مع إيران ، ليعينه “ترمب” وزيرًا للدفاع يوم 1في مطلع ديسمبر الجاري ، في مخالفة بارزة لتقليد أميركي قديم يقضي بتعيين مدني وزيرًا للدفاع ،ليصبح بهذا التعيين ، ثاني جنرال يتولى هذا المنصب منذ 66 عاما.

 

“مايكل فلين”.. سريع الاستثارة

كلف “ترامب ” “مايكل فلين”  المولود في ديسمبرعام 1958 بشغل منصب مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية ، فكان تولي منذ عام 1981 عدة مناصب قيادية بالجيش الأميركي ، منها مساعد مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية ، ورئيس مجلس إدارة الاستخبارات العسكرية الأميركية، ومدير الاستخبارات لقيادة العمليات الخاصة المشتركة في الفترة من يوليو 2004 إلى يونيو 2007 في أفغانستان والعراق.

كما تولى “فلين” منصب مدير وكالة الاستخبارات الدفاعية عام 2012، وهو المنصب الذي أقاله منه الرئيس باراك أوباما في 2014، وبحسب ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست وقتها فإن “فلين” ترك منصبه قبل الموعد المحدد له بأكثر من عام ، وسط خلافات بشأن أسلوب قيادته للوكالة.

وصفه “آدم شيف” العضو الديمقراطي البارز في لجنة المخابرات بمجلس النواب الأميركي في تغريدة له على موقع تويتر “بالمستشار سريع الاستثارة”، وأعرب عن تخوفه من تعيينه في هذا المنصب في ظل وجود رئيس “متهور” ، وبحسب مراسل صحيفة “إندبندنت” البريطانية في سوريا والعراق “باتريك كوكبيرن” فإن “فلين” يصفه زملاؤه السابقون بأنه ضيق الأفق ورؤيته دائما أحادية الجانب، ويستطيع إثارة الفوضى في الشرق الأوسط.

ويعرف عن “فلين” أن له مواقف مثيرة للجدل بشأن بعض القضايا ، فخلال استضافته في أحد البرامج مطللع العام الجاري ، وصف “فلين” الإسلام بأنه “أيديولوجية سياسية تقوم على أساس دين” ، وقد كتب تدوينه على حسابه بموقه التواصل المصغر “تويتر” قال فيها أن “الخوف من المسلمين منطقي”.

“جون كيلي”..وتحقيق وعود ترامب

الجنرال المتقاعد “جون كيلي” ، عسكري أمريكي من مواليد عام 1950 في “بوسطن” ، شغل منصب القائد السابق للقيادة الاميركية الجنوبية ، وكان قائد القوة المتعددة الجنسيات في العراق من 2008 الى 2009 ، ورقي الى رتبة جنرال فيمارس 2003 اثناء مشاركته في القتال في العراق ، في أول مرة يتم فيها ترقية كولونيل في الجيش أثناء المعارك منذ 1951 ، كما أن هناك تقارير تؤكد انه قد قتل ابنه الأصغر في المعارك في افغانستان خلال عام 2010.

عمل “كيلي” نحو 45 عاما في قوات مشاة البحرية “المارينز” ، وتولى العديد من المناصب ومن بينها القيادة الميدانية في العراق والاتصال السياسي في الكونجرس قبل أن يختتم حياته المهنية قائدًا للقيادة الجنوبية للقوات الأميركية التي تشمل اميركا الوسطى والجنوبية.

وسيتولى “كيلي” البالغ من العمر 66 عام ، مسؤولية تحقيق الوعود الإنتخابية التي قطعها “ترامب” للشعب الأمريكي ببناء جدار هائل على طول الحدود مع المكسيك لمنع دخول المهاجرين من ذلك البلد، وتشديد عملية تفحص أوراق المهاجرين الشرعيين.

ويعتبر “كيلي” ، المعروف بصراحته القاسية، مقرب من الجنرال “جيمس ماتيس” الذي اختاره “ترامب” وزيرًا للدفاع ، حيث عمل “كيلي” ككبير مساعدي “ماتيس” أثناء الهجوم على بغداد في 2003.

 

“مايك بومبيو”.. كاره المسلمين !

اختار “ترامب” في نهاية نوفمبر الماضي لرئاسة المخابرات المركزية، “مايك بومبيو”وعبر مدافعون عن الحريات المدنية وحقوق الإنسان عن قلقهم الشديد من هذا الاختيار بسبب شخصية “بومبيو” ومواقفه المثيرة للجدل.

وكان “مايك بومبيو” عمل بالجيش واشتغل بالمجال القانوني قبل أن ينتقل للاستثمار الاقتصادي وإنشاء شركة متخصصة في المجال الفضائي، اشتهر بمواقفه المتطرفة ضد الأقليات الدينية والعرقية في الولايات المتحدة وبينها المسلمون ، كما عرف بموقفه الرافض للاتفاق النووي مع إيران.

كان “بومبيو” أحد أعضاء لجنة التحقيق في الكونجرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون بشأن الهجوم على البعثة الأميركية في “بنغازي” عام 2012 الذي أدى إلى مقتل أربعة أميركيين بينهم السفير “كريس ستيفنز” ، واتهمت تلك اللجنة في تقرير من 800 صفحة “هيلاري كلينتون” التي كانت وقتذاك وزيرة للخارجية ، بأنها قللت من أهمية التهديد في ليبيا.

ومنذ انضمامه إلى الحزب الجمهوري ، اشتهر “بومبيو” بمواقفه المثيرة من قضايا متعددة بينها العلاقات مع الأقليات الدينية والعرقية ، إذ له مشكلة مع المسلمين ويؤخذ عليه اعتباره زعماء المسلمين في الولايات المتحدة “متواطئين” مع الجماعات المتطرفة.

“بانون”.. اليميني المتطرف

“ستيفن كيفن بانون” ، ضابط أمريكي سابق في سلاح البحرية الأمريكية ، من مواليد 27 نوفمبر عام  1953 ،  في “فيرجينيا” شرق الولايات المتحدة ، ينحدر من عائلة ديمقراطية من الكاثوليك الإيرلنديين المؤيدين للرئيس الأميركي الراحل جون كنيدي والداعمين للعمل النقابي ، ويوصف باليميني المتطرف، اختاره “ترامب” لمنصب كبير المستشارين وكبير المخططين الإستراتيجيين في إدارته المقبلة.

عمل ضابطًا في البحرية الأمريكية لمدة سبع سنوات في أواخر 1970 وأوائل 1980، يخدم على المدمرة “يو اس اس بول” وعمل كمساعد خاص لرئيس العمليات البحرية في وزارة الدفاع الأمريكية.

ويعرف بانون بالذكاء والتكتم ، إذ منذ توليه مسؤولية إدارة الحملة الانتخابية لـ”ترامب” لم يدل الرجل إلا بمقابلتين ، إحداهما تسجيل صوتي لفائدة الموقع الذي يديره ويعود إنشاؤه للعام 2007.

ويعرف عنه أن له توجهات وعقيدة عنصرية ، ولديه علاقات وثيقة مع حركات اليمين المتطرف الأوروبية، وهو أيضا أحد أبرز دعاة “اليمين البديل”، وهي حركة تعتنق الأفكار القومية وتؤمن بتفوق العرق الأبيض وتزدري تماما الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد.

وقد أتت إستراتيجية بانون الدعائية القائمة على شيطنة الديمقراطيين وأيضا الجمهوريين ثمارها في الأسابيع الأخيرة للحملة، التي تجلت نتيجتها في صناديق الاقتراع في الثامن من نوفمبر 2016.

ومنذ تعيينه رئيسًا لحملة “ترامب” الانتخابية ثم كبير المستشارين وكبير المخططين الإستراتيجيين في الإدارة المقبلة، تثار ضجة حول “بانون” من الديمقراطيين والجمهوريين أيضا، وذلك بسبب سجله ومواقفه التي ظهرت خلال الحملة الانتخابية لخليفة أوباما.

المواضيع المرتبطة

منظمة دولية: إسرائيل تحاول إخفاء “أدلة” تورطها في الإبادة الجماعية بقطاع غزة

أكد المستشار بمنظمة “القانون من أجل فلسطين” الدكتور ليكس تاكنبرج، أن إسرائيل “تحاول إخفاء أدلة تورطها”، فى الإبادة الجماعية

أكمل القراءة …

“السقا” يكشف مفاجأة لأول مرة عن أختة و حقيقة انفصاله عن مها الصغير

حل الفنان أحمد السقا ضيفًا على برنامج “أسرار النجوم” تقديم إنجي علي ويعرض على إذاعة “نجوم إف إم”. وتكلم

أكمل القراءة …

وزارة الأوقاف تطرح شقق سكنية بأسعار رخيصة.. تعرف على الشروط

قامت وزارة الأوقاف بطرح شقق سكنية لعام 2024، وحددت عدد من الشروط والأوراق المطلوبة لحجز وحدة، إذ تستمر عمليات

أكمل القراءة …

قائمة الموبايل