أزمة الدواء «كرة نار» تتقاذفها جميع الأطراف.. والخاسر الوحيد هو المواطن

كتب : ناجي جمال 

عاصفة من الأزمات تجتاح ملف الدواء، أدت إلى بعثرة أوراقه وتحول الأمر إلى ما يشبهه كرة النار، يتقاذفها الأطراف المعنية هروبًا من تحمل مسئولية ما يحدث.

أصيب السوق بحالة دوار وعدم اتزان بعد نجاح جماعات الضغط في تعطيش السوق وحجب الأدوية وافتعال أزمة نواقص في الأصناف الدوائية، أجبرت وزارة الصحة على زيادة أسعار الدواء أكثر من مرة.

والمتابع للأزمة يجد أن أحد أهم أسبابها هي الحرب طاحنة بين المخازن وشركات التوزيع، حيث أن مخازن الأدوية أصبحت تمتلك نسبة كبيرة من السوق، وأغلبية الصيادلة يفضلون المخازن للحصول على أعلى خصم؛ لمواجهة الأعباء المالية على الصيدليات، فالصيدلي يبدأ بمخازن الأدوية ثم الغير متوفر بها يبحث عنه في شركات التوزيع، تمر الأدويه بثلاث مراحل طبيعية في كل مكان تبدأ من المصنع ومندوب التوزيع ومنها إلى الصيدليات ولكن في مصر أغفلت جهه ثالثة وهي المخازن الخاصة بالأدوية.

وشركات التوزيع وخصوصًا «المتحدة» و«الشركة المصرية لتجارة الأدوية»، التى تمثل وزارة الصحة تحاول بكل السبل إغلاق المخازن أو على الأقل منعها من المنافسة بعدة طرق، أولها: التشهير بالمخازن وإعطاء سمعة سيئة عنها عن طريق ترويج معلومة أن جميع المخازن تعمل في الأدوية الغير شرعية وضرورة الحفاظ على صحة المريض وحمايته من هذه الأدوية المغشوشة،  ويمكن ملاحظتها بوضوح عن طريق التضخيم الإعلامي الكبير المصاحب لضبط مخزن مخالف ببيع أدوية مغشوشة في الصحف أو البرامج الفضائية.

ومن ناحية أخرى، لا أحد يستطيع أن يغفل الحرب الباردة بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة، وبدأ التصعيد من قبل وزارة الصحة التي اجتمعت بالشركات وغرفة صناعة الدواء، أكثر من 14 اجتماعاً دون دعوة نقابة الصيادلة أو ممثلين عن المجتمع المدني ولجنة الصحة بمجلس النواب للتشاور بشأن الزيادة في أسعار الأصناف المحلية والمستوردة لتعويض خسائرهم وتوفير نواقص الأدوية عقب صدور قرار البنك المركزي بتعويم العملة المحلية، وتحرير سعر صرف الدولار.

سقطت نقابة الصيادلة من أجندة اجتماعات الوزارة مع ممثلي الشركات والغرفة للاتفاق على التسعيرة الجديدة للدواء وسرعة تنفيذ قرار 499 وتطبيق قرارات تحريك أسعار الأصناف الدوائية المتفق عليها، وفقًا للتشغيلات الجديدة الصادرة من المصانع قبل حلول فبراير المقبل، بمعدل 15% من عدد المستحضرات الدوائية الموجودة بالسوق المحلي، و50% للأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيها.

وانتفضت نقابة الصيادلة وطالبت عمومية الصيادلة الطارئة، بإحالة الدكتورة رشا زيادة، رئيس الادارة المركزية لشؤون الصيدلة للتأديب، ومنحت مجلس النواب مُهلة حتى منتصف فبراير القادم لإصدار قانون ينظم ارتجاع الأدوية منتهية الصلاحية للشركات، وقررت تنظيم وقفة احتجاجية حاشدة أمام مجلس النواب حال عدم صدور القانون، وطالبت أيضا الجمعية العمومية للصيادلة نقيب الصيادلة بالانسحاب من من اللجنة الاستشارية العليا للصيدلة والدواء بوزارة الصحة اعتراضًا على عدم حضور ممثلين من الصيادلة في الاجتماعات الجارية بين وزارة الصحة والشركات وغرفة صناعة الدواء بشأن “تسعيرة الدواء”، حيث ارجعوا الأمر إلى تمكن الغرفة بسطوتها من إخضاع الوزير لطلباتها وذلك عبر موافقته للشركات على تحديد الأصناف الدوائية وكذلك قيمة الزيادة وهذا لا يحدث في أي دولة محترمة“.

ويظل تفاقم الأزمة مستمرًا ليبقى المواطن ضحية المعركة المشتعلة بين الأطراف الأربعة ويُسدد وحده فواتير تسعيرة الدواء العشوائية.

Exit mobile version