الحركة المدنية والانتخابات الرئاسية.. دخان الخلافات يتصاعد واتهامات دعم الإخوان لطنطاوي فجرت الأزمة

في عاجل



ما إن اصطدمت الحركة المدنية الديمقراطية، التي من المفترض أنها تمثل كتلة المعارضة على حد وصف قياداتها، في ملف سياسي كبير بحجم الانتخابات الرئاسية حتى تصاعدت على سطح الحياة السياسية في مصر الخلافات وتواترت بيانات التكذيب والاتهامات بمحاولة خطف لقب المرشح الرئاسي إلى جانب فريق بعينه.


بداية فتيل الأزمة الذي أشعله بيان رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، كما لو كان إذنا بتفجير الخلافات داخل الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم 12 حزبًا معارضًا عندما خرج السادات ليفاجئ باقي فرق الحركة معلنا عن المرشح المفاجأة في انتخابات الرئاسة.


لم تمر دقائق حتى ظهر تأثير بيان السادات على الحركة، عندما خرج المتحدث باسم الحركة، خالد داود، في بيان صاغ فيها ما يشبه الإدانة المتواريه خلف الإنكار والتملص من رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور، قائلا إن السادات يعبر عن موقفه الشخصي.


اشتعلت الأوضاع داخل الحركة المدنية، وسرعان ما تواترت البيانات المؤكدة على أن المرشح الذي تحدث عنه السادات، لم يتم تداوله أو نقاشه في الاجتماع الأخير للأمانة العامة للحركة، في 10 إبريل الجاري، والذي ضم رؤساء الأحزاب وعددا من الشخصيات العامة، وهذا ما أكده خالد داوود في بيانه الذي حرص على نشره بكل الصفحات وتداوله على نطاق واسع.
ومع تصاعد الخلافات أكثر وتسابق أعضاء داخل الحركة المدنية على إظهار قوة موقفه وكفته في مسألة الترشح للرئاسة، بدت الأوضاع كما لو أن هناك حربا يريد كل طرف الانتصار وتحقيق أكبر مكاسب على حساب الآخر، وأظهرت تعليقات الحركة قبل الأعضاء على مواقع التواصل فكرة البحث عن المصالح الذاتية.

ووصل الأمر إلى الانشقاق وليس مجرد اختلاف في الرأي.


عندما اشتعلت الخلافات لم يجد قيادات الحركة بدا من تقريب وجهات النظر، فدعوا لما أسموه بالمشاورات خلال أسابيع، لكن لم يتحقق شيء من المرغوب، وأكد خالد داوود نفسه أن كل الأسماء التي يتم تداولها لخوض الانتخابات هي تكهنات، ولم يعلن أي طرف عن رغبته في الترشح بشكل نهائي، رغم أن الأطراف تداولت بيانات وأكدتها بترشيح أسماء معينة من داخل الحركة.


وما يؤكد أن الخلاف وصل إلى مرحلة التشكيك والتخوين داخل الحركة المدنية، أن علاء عبد النبي نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية صاغ ما بدا أنه رد على خالد داوود واعتراضه على ما قاله السادات بأنه من حق أي سياسي ورئيس حزب، أن يتشاور مع أي ممن يراه ذا كفاءة وعلى قدر المسؤولية لخوض الانتخابات الرئاسية، ويرسل بذلك رسالة إلى داوود بأنهم داخل الحركة غير ملزمين بالتشاور معه، وزاد الأمر وضوحا في الخلاف عندما قال: من حق أي مرشح أن يتخذ قراره بالترشح، وليست الحركة المدنية أو غيرها من القوى السياسية هي البوابة التي من خلالها فقط يتم أخذ القرار للترشح أو التوافق عليه، وربما نتفاجأ بأسماء لم تطرح من الأساس على الحركة المدنية أو في السباق الانتخابي من قبل، ويكفي الحركة المدنية انشغالها بالحوار الوطني والإعداد له كما ينبغي ووفقا لتطلعات وآمال المصريين.


إلا أن كل ما مر من خلافات داخل الحركة المدنية في كفة وما قرر خالد داوود البوح به في كفة أخرى، اضطر سياسي الحركة المدنية إلى غسل يده أخيرا من حرب المرشح الرئاسي داخل الحركة عندما كتب مقالا بعنوان «في انتظار المرشح المفاجأة الذي لن يأتي»، والذي لن يأتي هنا أكد عليها في مقاله كاتبا أن مسألة التوحد خلف مرشح واحد مطلب صعب المنال وغالبا لن يتحقق، وزاد الأمر وضوحا عندما أكد أن فكرة المرشح الواحد داخل الحركة مستحيلة لتنوع التوجهات الفكرية واختلاف الرؤى. ولم ينس داوود أن يترك الباب مواربا بالنسبة لحسابته الشخصية، فقال إن أحمد طنطاوي الذي أعلن ترشحه للرئاسة لا يبدو مقنعا لقادة المعارضة الحالية أنفسهم لأنه ينتمي إلى التيار الناصري، ولا يعول على قادة الحركة المدنية في مسألة الترشح.


بالطبع لم تلق أحاديث داوود استحسانا داخل الحركة المدنية، سرعان من انفجرت وتيرة المقالات والبيانات غالبا لكل شخصية داخل الحركة المدنية، كل على حده، يؤكد بها تأجيج الخلافات وبيان المصالح الشخصية.


طنطاوي ودعم الإخوان.. أصل الخلاف


لم يكن هذا من فراغ، فبعد الشد والجذب بين بيانات السادات من جهة ثم تصريحات داوود ومقالاته، وبيانات الأعضاء أنفسهم من جهة أخرى أظهرت تأكيد ذلك الشعار وهو الاتفاق على عدم الاتفاق والرجوع إلى نقط الصفر، إذا ما افترضنا أن هناك نقطة صفر من الأساس داخل الحركة المدنية، وسط حالة الانقسام والتنافر.


مع الوقت وتتابع الأحداث وترابط الخيوط بين بيانات الحركة المدنية، اتضح أن الأزمة أكبر من الاتفاق على مرشح رئاسي واحد داخل الحركة المدنية، أكثر من أنه مكايدة سياسية للفريق الذي لاحقته الاتهامات بمحاولة الزج بالمرشح أحمد طنطاوي مفروضا على بقية أعضاء الحركة، حتى إن البعض دخل الحركة المدنية اضطر إلى كشف الاتهامات المباشرة إلى الآخرين بأن هناك معركة بدت وكأنه زج بطنطاوى نفسه بمواءمات ودعم من أسماء محسوبة على الإخوان، وهذا ما كشفته الحركة المدنية وسبب انشقاقا داخلها.


هذا بدا جليًا عندما قرر محسوبون على ما يسمى بالتيار الإسلامي النيل من كل المعارضة إذا ما قرروا التخلي عن رهان أحمد طنطاوي، بل عندما وصفوا التيار العام داخل الحركة بأن المعارضة هشة وتعاني من إنهاك وتضييق، إضافة إلى ضعف قدراتها التنظيمية والشعبية إلى حد كبير.


وقبل اسبوع نشر المهندس يحيى حسين عبد الهادي، أحد مؤسسو الحركة المدنية مقالًا بعنوان ” َمن يتحدث باسم مصر؟”، حمل اتهامات واضحة لاعضاء الحركة لموقفهم الرافض لدعم ترشح احمد طنطاوى، وحاول فى مقاله التقرب من جماعة الاخوان الارهابية باعتبارها اكبر الداعمين لطنطاوي.


ليرد عليه مجدي عبد الحميد، العضو بالحركة بمقال عنوانه “لا يا صديقي… لسنا في مركب واحد”، قال فيه “ترددت كثيرا قبل أن اتخذ القرار بالكتابة تعليقا على مقال المهندس يحيى حسين عبد الهادي الأخير والمعنون: من يتحدث باسم مصر؟، موجها فى الوقت نفسه رسالة ليحيى حسين بقوله: والحقيقة التي توجد عليها آلاف الشواهد والأدلة، هي أن جماعة الإخوان، وتحالفاتها الشيطانية مع أطراف ظلامية وإرهابية عديدة، خاضت حرب ضروس، ليس فقط ضد سلطة اختلفت معها، وإزاحتها من الحكم، ولكن ضد الوطن، ضد بلد بأكمله، ضد الدولة المصرية التي أرادت هدمها، واستباحت أهلها ومواطنيها، واستحلت دماءهم، واعتبرتنا جميعا خصوما لها، وأقصد بجميعا الشعب المصري كله، طالما ليس إخوانيا، وليس مؤمنا بفكرهم!!!
واكمل مجدى مقاله بقوله: لقد خاضت الدولة المصرية: جيش وشرطة وأهال، منذ أن تمت إزاحة الجماعة من الحكم بعد الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، معارك شرسة امتدت لسنوات ضد إرهاب الجماعة، وعنف وإرهاب جماعات الإرهاب المتستر بالدين الخارج من أحشائها، والمتبني لأفكارها في أنقى صورها وأكثرها وضوحا، ما جعلنا ندفع من دماء أبنائنا الكثير، ثمنا غاليا لإزاحتهم من المشهد، ولاستعادة الأمن والأمان للدولة والمواطن المصري، ولا يعنيني هنا، إذا ما كان حسن البنا قد أسس جماعته مقابل ٥٠٠ جنيه، من الإنجليز أو مقابل ١٠٠٠ جنيه؟! فهو أمر مضى عليه ما يقارب المئة عام، قدمت خلالهم الجماعة الكثير من أعمال العنف، والقتل والاغتيالات وغيرها من الجرائم في حق الوطن، ولا يمكن أن نتغافل عن أن غالبية التنظيمات والجماعات التي اعتمدت العنف والإرهاب وسيلة للتغيير، قد خرجت جميعها من رحم الجماعة فكرا وتنظيما.
وفى نهاية المقال قال مجدى عبد الحميد للمهندس يحيى حسين: “لسنا جميعا في مركب واحد، كما ذهبت في مقالك الأخير، وأن هناك الكثيرون من أبناء مصر الشرفاء يسعون للتغيير، يصيبون أحيانا ويخطئون كثيرا، ولكنهم يحاولون بشرف وأمانة ويقدمون التضحيات، وهم أبدا ليسوا إرهابيين، أو أعداء لبلدهم، ولا يعتمدون العنف وسيلة للتغيير، وليس من بين أهدافهم النبيلة الكثيرة، تدمير أركان الدولة المصرية، ولكنهم يسعون بكل صدق لإصلاح ذلك الكيان بالتصدي لمنظومات الظلم والفساد، والاستبداد باستخدام الأساليب والأدوات السلمية والديموقراطية؛ لكي يصنعوا التغيير المنشود”.


معركة التيار الإصلاحي الحر.. حلبة مصارعة


قد يكون وصف ما يحدث داخل الحركة المدنية بالمعركة السياسية الدامية مبالغا قبل بيان التيار الإصلاحي الحر عندما استنكر ما تردد بشأن المشهد السياسي والانتخابي في مصر على لسان مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وأحمد الطنطاوي، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية خلال ندوة عقدت في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي.


بيان التيار الإصلاحي الحر جاء بما لا شك فيه ووضع النقاط على الحروف في شأن معركة الخلاف والمصالح داخل الحركة المدنية في مسألة المشرح الرئاسي، عندما قال واصفا تصريحات الزاهد وطنطاوي، إن هذه التصريحات تفتقر إلى رؤية متكاملة للمشهد وتمثل شعارات معلبة لا تجدي نفعا ولا تقدم طرحا عقلانيا أو واقعيا للمشهد الراهن، مضيفاا أنه يرفض ما تحدث به «الطنطاوي» بشأن التعديلات الدستورية على دستور ٢٠١٤ ويرى «التيار» أن مثل هذه التصريحات لا تمثل معارضة بقدر ما هي تصريحات استهلاكية لا تقدم جديدا.


في ذلك يرى التيار أن ما أعلنه الزاهد من ربط نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة بعدم ترشح مرشح بعينه هو ممارسة احتكار للآراء يناقض أبسط قواعد الديمقراطية، مشد ادا على أن المعارضة «البرامجية» والنهج الإصلاحي هما السبيل الأمثل لحل المشكلات السياسية وليس دغدغة مشاعر الجماهير بالشعارات الخطابية، ثم دعا التيار الإصلاحي الحر جميع القوى السياسية للتعقل في قراءة المشهد بما ينأى بمصر عن الصراع وأن يبني الجميع على مكتسبات الجمهورية الجديدة وفي مقدمتها الحوار الوطني.


كل شيء صار واضحا أمام الجميع داخل الحركة المدنية، واتضح أيضا سبب الخلاف، مع صدور بيان من التيار الإصلاحي الحر الذي يضم «٤» أحزاب سياسية هي حزب الجيل، الإصلاح والنهضة، الاتحاد، ومصر القومي.


وقال «التيار» إنه تابع ما نشره موقع «البيان» بشأن نص الرسالة الخاصة التي قام حمدين صباحي بإرسالها إلى الشيخ حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، والذي أشار إلى وجود وساطة لدعم المرشح الرئاسي المحتمل أحمد الطنطاوي الذي أعلن نيته للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.


وأكد التيار الإصلاحي الحر رفض قوى المعارضة الوطنية المصرية إعادة جماعة الإخوان المحظورة للمشهد السياسي بأي صيغة، أو الحصول على دعم أطراف خارجية من شأنها زعزعة حالة الاستقرار والانفتاح السياسي التي تعيشها مصر، وتلمسها جميع القوى السياسية الوطنية.


لم يجد التيار الإصلاحي الحر بدا أمامه غير مطالبة المرشح المحتمل توضيح موقفه بشكل واضح وعلني في بيان رسمي، للرأي العام وللشعب المصري، وبيان مدى صحة الأخبار المتواترة في هذا الشأن، التي لو صحت لكانت خيانة عظمى للأمة المصرية، وتعد انتحارا سياسيات.


كما طالب أي اضا التيار الإصلاحي الحر «طنطاوي» بتوضيح علاقته هو أو أحد أعضاء حملته الرئاسية بقيادات «حزب الله» في لبنان، وأي حقيقة طلب الدعم منهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا ما لم يحدث.


لم يدم الوقت طويلا حتى قرر مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، القيادي بالحركة المدنية الديموقراطية، القفز من السفينة التي أوشكت على الغرق فقال إن الحركة المدنية، لم تستقر حتى الآن على دعم مرشح بعينه في الانتخابات الرئاسية، رغم تأييد أعضاء من الحزب لأحمد طنطاوي سابقا، ثم شدد على موقفها الرافض لجماعة الإخوان، والذي لا يمكن معه تأييد ودعم أي مرشح يكون له صلة بها.


جاء ذلك تعليقًا على بيان التيار الإصلاحي الحر، والذي هاجم فيه الحركة المدنية الديموقراطية، بسبب نص الرسالة الخاصة التي قام حمدين صباحي بإرسالها إلى الشيخ حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، والذي اشار إلى وجود وساطة لدعم المرشح الرئاسي المحتمل “أحمد طنطاوي”، الذي أعلن نيته للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.


وأشار رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن الحركة المدنية الديموقراطية، لن تقبل بين صفوفها أياا من تلوثت يده في وقائع فساد أو بدم، مشددا على أن هذا من ضمن الشروط التي تضعها الحركة المدنية.
ونوه بأن الحركة المدنية الديموقراطية تعتمد على بناء دولة مدنية ديموقراطية حديثة، ولا تقبل بين صفوفها أي أحزاب لها خلفية دينية، نهايك عن جماعة الإخوان التي ترفض الحركة تواجدها بأي شكل.


مع قراءة المشهد السياسي داخل الحركة المدنية كاملا، تتضح خيوط الخلاف على أشده، ويبدو أن ما يحدث حاليا داخل، ما إن صح أن نطلق عليه قوى معارضة، ما هو إلا فصل جديد من فصول المحاولات الشخصية لجمع أكبر قدر من المكاسب، فلن تكون هناك فرصة أكثر جاهزية من مسألة الترشح للانتخابات الرئاسية، للعودة مرة أخرى إلى قاعات الاجتماعات ولو بمجرد مشهد تمثلي ليس أكثر.

المواضيع المرتبطة

“الإمارات” تحظر استخدام اللهجة لغير المواطنين في الإعلام

أعلنت السلطات الإماراتية حظر استخدام اللهجة الإماراتية من قبل غير المواطنين في البرامج الإعلامية. وأكد رئيس مجلس الإمارات للإعلام،

Read More...

“المكسيك” تسجل أول حالة إصابة بشرية بالدودة “آكلة لحوم البشر”

أعلنت وزارة الصحة المكسيكية، الجمعة، اكتشاف أول حالة إصابة بشرية بداء النغف الذي يصيب الجلد والناجم عن ذبابة الدودة

Read More...

تفاصيل إصابة “فريال أشرف” ببطولة البريميرليج للكاراتيه بعد نقلها للمستشفى

كشف مصدر خاص عن تفاصيل الحالة الصحية لـ فريال أشرف بطلة منتخب مصر للكاراتيه  بعد تعرضها لإصابة قوية خلال

Read More...

قائمة الموبايل