ماذا فعلت مصر للحفاظ على أمنها القومي ودعم أشقائها في فلسطين وليبيا؟

من يتابع سياسة مصر الخارجية ينتابه الشعور بالفخر، ونبدأ بالقضية الفلسطينية والتي لم تتقاعس مصر ‏عن الدفاع عنها وعن حقوق الشعب الفلسطيني، فمنذ صدور قرار الأمم المتحدة عام 1947، أصبحت ‏القضية الفلسطينية على رأس أولويات سياستها. وقدمت آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين خلال عقود ‏من الصراع مع إسرائيل، فلا مبالغة إذا قلنا إن مصر كانت أكثر التزامًا بالقضية الفلسطينية من الفصائل ‏السياسية الفلسطينية نفسها في كثير من الأحيان، فلم تحاول مصر قط الاستفادة من القضية الفلسطينية بأي ‏شكل من الأشكال فكانت مصر ولا تزال تدافع عن القضية الفلسطينية من أجل إرساء السلام‎.‎


وستستمر مصر في تقديم كل الدعم للأشقاء على الرغم من معاناة مصر على أيدي فصائل معينة سواء في ‏غزة أو غيرها، وستظل مصر تفي دائمًا بتعهداتها تجاه أشقائها لأن مصر تعتبر غزة امتداداً للأمن القومي ‏المصري، وتعتبر نفسها طرفاً مهماً في تحديد الوساطة والهدنة وتقرير الأمور، فالقضية الفلسطينية تظل ‏أولوية سياسية رئيسية لمصر، وتقوم الدولة المصرية بدعم فلسطين في كل مطالبها نحو تسوية سلمية ‏واستعادة الحقوق المشروعة لشعبها، ودائمًا ما يؤكد السيسي بتضامن وتكثيف الجهود العربية لإحياء ‏عملية السلام، وظهر ذلك مؤخرًا في الصراع الذي دام 11 يومًا بين الإسرائيليين والفلسطينيين والذي ‏تدخلت فيه مصر بالدور الفاعل والرئيسي للتهدئة ووقف اطلاق النار، وقامت إسرائيل وحركة حماس ‏بوقف اطلاق النار بناء على الوساطة المصرية؛ فالقضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمصر التي ‏بذلت جهودا مضنية لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف، كما ظهر دور مصر جليًا في الأحداث ‏الأخيرة مما أدي إلى تقدير الإدارة الأمريكية وجميع الدول الأوروبية والإقليمية باتجاه خيار مصر التي ‏اتخذت موقفًا مسبقًا بدعم غزة المباشر، فالدولة المصرية تولى اهتماما كبيرا بالقضية الفلسطينية، خاصة ‏أنه بيننا وبين فلسطين حدود وتاريخ مشترك، فالقضية الفلسطينية تحتل رأس أولويات السياسة الخارجية ‏المصرية.‏


ولم ينتهي الأمر لوقف إطلاق النار بين الطرفين فقط بل كان الرئيس السيسي في باريس ولم ينتظر العودة ‏إلى القاهرة وقد قرأ المشهد كاملا، فأعلن والعالم يشاهد، عن إعادة إعمار غزة فورا، وتحركت الأدوات ‏المصرية الفاعلة لوقف إطلاق النار، والعالم يناشد، وتوصلت إلى إيقافه وعملت على تثبيته، والعالم يشكر‎.‎
لم يكن تخصيص الرئيس السيسي 500 مليون دولار لإعادة تعمير غزة سوي مقاربة جديدة للدولة ‏المصرية في هذا الملف الشائك، وعرف العالم وعلى رأسه الراعي الأمريكي أنه كان غائبا من دون أن ‏يدري عن الصراع المتفجر في القلب من منطقة الشرق الأوسط، وأن خطط كثير من العواصم العالمية ‏لفرض الاسترخاء الظالم على الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تدوم طويلا. وأن القضية أكبر من مسألة فتح ‏معبر رفح البري أو إغلاقه، وأن القدرة على الفعل هي لدى الجانب المصري، وبعد رفع الأعلام المصرية ‏في غزة فوق المعدات والأوناش، والتدخل الجديد لدى الفصائل لجهة وحدتهم وجمع شملهم، فإن القاهرة ‏تحضر لمؤتمر دولي لجمع المانحين.‏


‏ وإذا انتقلنا للملف الليبي فمؤخرًا منذ أن أعلن الرئيس أن سرت والجفرة الخط الأحمر بالنسبة لأمن ‏مصر، فالجفرة منطقة عسكرية وبها حقول نفطية وقريبة من طريق واحة جغبوب، ويمكن الوصول منها ‏إلى واحة سيوة المصرية، وهي طرق يمكن استغلالها من قبل العناصر المسلحة والإرهابيين ‏والميليشيات، عقب ذلك قامت مصر بتكثيف الاتصالات مع كل الأطراف الإقليمية والدولية والعديد من ‏الأطراف الليبية؛ لحثهم على العودة للمسار التفاوضي من أجل التوصل لتسوية شاملة للأزمة الليبية ‏والتصدي لكل أشكال التدخلات الخارجية الهدّامة بها.‏
فدائما ما يؤكد الرئيس السيسي على دعم مصر الكامل للمجلس الرئاسي، وحكومة الوحدة الوطنية الليبية، ‏في مهامهما خلال المرحلة الانتقالية بهدف استعادة ليبيا لأمنها واستقرارها، وصولا إلى عقد الانتخابات ‏الوطنية في موعدها المحدد في ديسمبر القادم” ويشدد أيضًا على “موقف مصر الثابت القائم على الحفاظ ‏على وحدة الأراضي الليبية، وصون مقدرات الشعب الليبي الشقيق، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ‏لليبيا”. ‏


وتعمل مصر وقياداتها من خلال سعي حثيث لصد أي عدوان علي الأراضي الليبية وكذلك محاولاتها ‏لإرساء السلام والاستقرار على أوضاعها، لاسيما تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعتبر ليبيا ‏وأوضاعها أولوية حاضرة بقوة على أجندته السياسية‎.‎‏ ‏
علمًا بأن جميع المبادرات التي شكلت مسار ليبيا في آخر خمس سنوات بالتحديد كانت برعاية وجهود ‏مصرية، وعلى رأسهما الحكومة الليبية الجديدة واستكمال عملها بكل سلاسة ودون منغصات، فمن ‏الملاحظ أن مصر نجحت في نقل الملف الليبي للمشهد الدولي ومشاركة الحلفاء في الأزمة واعطاء ثقل ‏للأمر، إلى جانب احتضانها اللقاءات والمؤتمرات الهامة بين القيادات الليبية والتي نتج عنها تقارب ‏سياسي بين الأطراف المتصارعة‎.‎‏ وكان لها تحت قيادة الرئيس “السيسي” تأثر فعال وقوي في تهدئة ‏الأزمة والتوصل لمسار سياسي بدلاً من الحروب والصراعات القائمة منذ سنوات‎.‎

ولذا فالقيادة السياسية الحالية والقوي الدبلوماسية التي تمتلكها مصر سيكون لها دور أقوي في الايام ‏المقبلة، حيث يستمر دعم القاهرة لقضايا الإقليم وعلى رأسهم ليبيا والقضية الفلسطينية.‏

Exit mobile version