مصر و القضية الفلسطينية و ثلاثة و سبعون عامًا من الكفاح

منذ عام 1948 و مع احتلال الكيان الصهيوني للأراضي الفلسطينية أولت القيادة السياسية المصرية سواء في العهد الملكي أو قيام الجمهورية المصرية عام 1952 اهتمامًا بالغاً بالقضية الفلسطينية،ففلسطين كانت و مازالت تمثل المدخل الشرقي لمصر و جزءًا من اللأمن القومي المصري.
قامت مصر في بادىء الأمر بالمشاركة في حرب فلسطين و التي راح ضحيتها الكثير و الكثير من الشباب انطلاقًا بأحقية الفلسطينيين في استقلال دولتهم و نبذ ذلك الاستعمار الغاشم الذي راح يستبيح الأراضي الفلسطينية كمكان لاقامة دولة هلامية قائمة علي وعد من لا يملك “بلفور” لمن لا يستحق ” الصهاينة”،و في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان من أكثر الزعماء اهتمامًا بها حيث اعتبرها جزءا من الأمن المصري و ليست مجرد قضية وجود و اثبات احقية في أرض و ان علي اليهود ترك الأراضي الفلسطينية و مغادرتها تمامًأ رافعًا شعار ” لا اعتراف .. لا صلح .. لا تفاوض” و قد عملت مصر في هذة الفترة علي اقتراح انشاء منظمة التحرير الفسطينية و كذلك جيش التحرير الفلسطيني،و مع تولي الرئيس الشهيد أنور السادات الحكم في مصر تغيرت الأوضاع قليلاً بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد التي اهتمت بتحقيق السلام مع مصر و كذلك بتراجع اليهود عن الأراضي التي احتلوها منذ عام 1967 و فيما بعد كما كانت من جهوده أيضًا هو دعوته للفلسطينيين و الاسرائيليين للاعتراف المتبادل قيما بينهما، و بتولي الرئيس مبارك الحكم سار علي نفس السياسة السابقة التي رسمها الرئيس أنور السادات و محاولة تهدئة الأمور و الأوضاع في الأراضي الفلسطينية و محاولة تهدئة الأوضاع في داخل قطاع غزة و الوصول إلي حلول شاملة و عادلة و ظهر في عهده لأول مرة مبدأ الأرض مقابل السلام مع وقف الاستيطان الاسرائيلي و في عام 1993 شارك الرئيس مبارك في توقيع اتفاقية أوسلو و الخاصة بحق الفلسطينيين في الحكم الذاتي.
كانت مصر و لا تزال طوال العقود الماضية تنادي بأحقية الشعب الفلسطيني في إقامة دولته و عاصمتها القدس الشريف،و منذ نوفمبر 2002 تستمر مصر في دعم الحوار الفلسطيني بين حزبيه فتح و حماس و تستمر القاهرة بشكل دوري في استضافة اطراف هذا الحوار و العمل علي تقريب وجهات النظر بينهم انطلاقا من دور مصر الريادي في المنطقة قبل عام 2011 و بعده،و ايمانًا بيقين مصر بأن تلك القضية لم و لن تتقدم إلا بتصالح القوي الفلسطينية و نبذ اي تعصب فيما بينهم،و في عام 2003 أيدت مصر وثيقة جنيف بين الفلسطينيين و الاسرائيليين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الأوضاع في المنطقة.
و مع اندلاع أحداث ثورة الخامس و العشرين من يناير سمحت مصر و في ظل الحالة الأمنية الصعبة في الداخل و التوترات علي الحدود الشرقية بدخول عشرات المصابين الفلسطينيين للعلاج في المستشفيات المصرية فضلًا عن السماح بدخول المساعدات من الأدوية و المواد الغذائية و السلع و المهمات الطبية.
و عقب قيام ثورة الثلاثين من يونيو 2013 و تولي الرئيس الأسبق عدلي منصور أمور الحكم في مصر لفترة قصيرة أولي اهتمامًا هو الآخر بالقضية الفلسطينية و تمكنت مصر من النجاح في اقناع حركتي فتح و حماس في التوقيع علي اتفاقية المصالحة التي سعي لها كثيرًا لمدة قاربت من عشرة أشهر من عام حكمه.
و مع اعتلاء الرئيس السيسي سدة الحكم في مصر عام 2014 و اهتمت القيادة السياسية و الحكومات المصرية المتتابعة بالشأن الفلسطيني و هو ما أكده الرئيس السيسي في مناسبات متعدده ة تأكيده علي موقف مصر الدائم و الثابت في دعم القضية الفلسطينية و العمل علي استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في اقامة دولته المستقلة و ذلك وفق الشرعية الدولية.
و في غمار صراع مصر مع الارهاب أعلن الرئيس السيسي أن مصر ستواصل سعيها الدائم نحو نحو إقامة دولة فلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية و كذلك التوصل لتسوية عادلة و شاملة من شأنها دعم الاستقرار في المنطقة و تخفيف وطأة الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، كما دعا الرئيس السيسي إلي الحفاظ علي الثوابت العربية الخاصة بالقضية الفلسطينية و كذلك دعم الفلسطينيين في طلباتهم من تنفيذ المبادرة الفرنسية أو الذهاب إلي مجلس الأمن الدولي.
و في الأيام القليلة الماضية و مع اشتعال الصراع مرة أخري بين الفلسطينيين – أصحاب الأراضي- و الكيان الصهيوني – المستعمرين- راحت مصر تمارس ايمانها العميق بحقوق الشعب الفلسطيني في السلام و العيش في هدوء و تم الاتفاق بفضل الرعاية المصرية علي وقف اطلاق النار من الجانبين و التهدئة و هو الاتفاق الذي تبناه اللواء عباس كمال مدير المخابرات العامة المصرية، و أعلنت مصر فتح معبر رفح البري للحالات الانسانية و التي تحتاج الي المساعدة سواء الطبية أو التعليمية، و في نفس الوقت قامت الحكومة المصرية بارسال مساعدات انشائية لاعادة إعمار القطاع بعدما لحق به من خراب.
و في النهاية يري الدكتور أحمد حمدي عبد المنعم أن مصر دائمًا و أبدًا لم تتوان او تتغافل عن دورها تجاه القضية الفلسطينية و حتى في أشد اللحظات ضبابًا كانت تساعد و تساهم القضية الفلسطينية التي طالما آمنت بها و وقفت بجانبها.

Exit mobile version