ليست متاجرة الإخوان بالقضايا الوطنية بالأمر الجديد فمن يتاجر بدينه تتحول عنده كل القيم إلى سلعة ينظر لها بحسابات المكسب والخسارة ولعل القضية الفلسطينية هي أشهر ما يتاجر به الإخوان، لهذا لم يكن من الغريب أن يستغلوا الأزمة الأخيرة لحساب دعاياتهم المثيرة للشفقة.
فمنذ نشأة جماعة الاخوان وهم يدعون دائما بأنّهم وحدهم من يحملون بصدق هم القضية الفلسطينية، وأنّهم وحدهم من انتبهوا لهذه القضية، فمرشدهم ومؤسس جماعتهم، حسن البنا، أمر جماعته بأن يكون لفلسطين الأولوية في الدعاية المكتوبة والدعاية الشفوية “.، فيزعم الإخوان أنهم هم من اهتموا بالقضية، وأول من نبه إليها، وأنهم وحدهم من حمل هم الفلسطينين، وأن القضية كانت مجهولة لدى الجمهور المصري.
وهذا تجنٍّ واضح على الحقيقة ، حيث أنّ الرأي العام المصري والصحف المصرية كانوا يدافعون عن القضية الفلسطينية بكل صدق وقد أشارت د.عواطف عبدالرحمن، في كتابها “مصر وفلسطين”، عن إدعاءات الإخوان؛ حيث تقول: “انفردت الصحف المصرية بتغطية كثير من الجوانب في تاريخ القضية الفلسطينية، مثل العلاقات المصرية الفلسطينية والدعم المصرى الدائم للقضية الفلسطينية، وكذلك زيارات المسئولين المصريين لدعم فلسطين، مثل: إسماعيل صدقي باشا، ولطفي السيد…..
هذا وتحاول قيادات الجماعة والتنظيم الإرهابي دائما استغلال المواقف ففى إطار الانتهاكات الواضحة لقوات الاحتلال الاسرائيلية على الشعب الفلسطينى فى الايام القليلة الماضية، فقد حاولت الجماعة استغلال هذا التصعيد الاخير، للعودة للمشهد السياسي على أكتاف القضية الفلسطينية، واستخدامها كمدخل لإثارة التوترات والفوضى بالمنطقة العربية.
ومنذ بدأت الانتهاكات الاسرائيلية بحى الشيخ جراح والاعتداء على المسجد الاقصي ، فقد سعت اللجان الإلكترونية للتنظيم الدولي للجماعة الارهابية، لإعادة سيناريو المتاجرة بالقضية الفلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر مجموعة العبارات المحرضة للهجوم على الدول العربية وخاصة مصر، من خلال اتهام الحكام العرب بالتخلى عن القضية الفلسطينية، في الوقت الذي تجرى فيه جهود الوساطة العربية للوصول الى حلول لانقاذ الشعب الفلسطينى ، مع تجاهل الإخوان حقيقة أنهم لم يقدموا شيئا للقضية الفلسطينية حتى في ظل حكم مصر عدا المتاجرة بالقضية لزيادة شعبيتهم وجمع الأموال والتبرعات، باسم فلسطين واستخدامها لصالح مخططات التنظيم.
وعلى عكس اسلوب الجماعة الارهابية الذى لا يتعدى سوى الشعارات والمتاجرة فقد قامت مصر فور اندلاع الأزمة بإصدار بيان رسمي شديد اللهجة يدين الممارسات الإسرائيلية بحق الأشقاء الفلسطينيين في القدس الشريف، ويطالب الجانب الإسرائيلي بالتوقف فورًا عن تلك الممارسات التي تنتهك حرمة المسجد الأقصى، وفور تعرض قطاع غزة للهجمات الوحشية طالبت مصر الحكومة الإسرائيلية بإيقاف الضربات فورًا دون شروط، وتم فتح معبر رفح لاستقبال المصابين لمعالجتهم المستشفيات المصرية ولإدخال سيارات الإسعاف والإغاثة للأشقاء في القطاع ، هذا وقد التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون فى قمة بقصر الاليزية لبحث الأزمة والتدخل بالوساطة وأخيرًا أثمرت جهود مصر عن وقف لإطلاق النار من الجانبين.، بالاضافة لتصريحات السيد الرئيس بتخصيص بمبلغ 500 مليون دولار كمبادرة مصرية لصالح عملية إعادة الأعمار في قطاع غزة نتيجة الأحداث الأخيرة، مع قيام الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك في تنفيذ عملية إعادة الإعمار.
ولكن لِمَ الدهشة؟ فالاخوان مازالوا يزايدون على مصر والقيادة السياسية رغم كل هذه الجهود التى لمسها العالم أجمع فليس هذا بالجديد عليهم، فتشويههم الواقع هو لعبة قديمة، وهو ما يعيدنا للحديث عن عبثهم بالتاريخ فتاريخ الجماعات الإرهابية منذ تأسيسها على يد حسن البنا، تنتهج أسلوب البحث عن قضية مركزية يتم من خلالها ما يعرف بتوحيد المسلمين، وتحويلها لمرتكز يخدم أهداف التنظيم الإرهابي ، والقضية الفلسطينية واحدة من هذه القضايا، التي كانت دائما الأداة الفاعلة للإخوان، حيث يمكنهم اختراق التجمعات الشعبية وادعاء أنهم أصحاب القضية وحراس العقيدة، مستغلين التأثير الواضح للقضية الفلسطينية في نفوس العرب بشكل عام واستثمارها كحدث ديني خاصة أن القضية لها جذور في العقيدة الإسلامية
والحقيقة أن العالم بأسره قد أشاد بالتعامل المصري مع الأزمة ، حتى أن بعض المعارضين للنظام المصرى قد اعترفوا بحسن إدارة مصر للأزمة بل وأقروا باحترامهم لموقف الدولة المصرية منها.
