حظيت زيارة الرئيس السيسي لفرنسا باهتمام إعلامي عالمي بعد دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة رسمية إلى فرنسا والتي بدأت من الأحد 6 ديسمبر ولمدة 3 أيام. تأتي أهمية الزيارة في ظل الأحداث الجارية التي تشهدها المنطقة في الشرق الأوسط من اعتداءات تركية في ليبيا وانتشار الإرهاب واستفزازات في البحر المتوسط لدول منتدى غاز شرق المتوسط، بالإضافة إلى قرب موعد قمة الاتحاد الأوروبي الخميس 10 ديسمبر والعقوبات المتوقعة على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
تضمنت الزيارة عدة ملفات هامة أهمها التعاون الاستراتيجي وتنسيق السياسات في المنطقة للتعامل مع التهديدات من دول مجاورة، والتعاون المصري الفرنسي المشترك في ملفات الدفاع والاستثمارات والسياحة. بدأت الزيارة باستقبال كبير للرئيس السيسي حيث أقام الرئيس الفرنسي ماكرون مأدبة عشاء بقصر الإليزيه حفاوةً بالرئيس المصري، وتمنت الزيارة عدة لقاءات أخرى برئيس الوزراء الفرنسي ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ وتم مناقشة رؤية مصر في ظل ما يحدث من مستجدات من أوضاع في المنطقة. وعُقد مؤتمر صحفي بحضور الرئيسين للرد على كافة الأسئلة بشفافية ووضوح تم مناقشة قضية الرسوم المسيئة وتعامل مصر مع الإرهاب ورؤية مصر والمسلمين لفكرة الحرية المُطلقة التي تؤذي مشاعر المسلمين.
وبخصوص الحديث عن الرسوم المسيئة فقد استفاض الرئيس السيسي في هذا الأمر بكثير من الحكمة والتحاور الحضاري في إيصال فكرة أن المسلمين في الأساس ضد فكرة تبرير العنف والإرهاب للرد على الرسوم المسيئة وإنما الرد الأمثل يكون من خلال التحاور الهاديء القائم على إيصال وجهة نظر المسلمين في هذا الأمر وأن الحرية الإنسانية هي بالتأكيد مقدسة ولكن أيضًا العقائد الدينية السماوية هي أعلى في المرتبة ويجب أن يقف عندها حدود حرية الأفراد.
ورد الرئيس السيسي على سؤال آخر فيما يخص حقوق الإنسان في مصر بأن حقوق الإنسان في مصر لا مساس بها طالما أن الأفراد لا يعملون ضد الدولة، وأن هناك الآلاف من منظمات المجتمع المدني في مصر التي تعمل بحرية تامة، ما عدا التي يستغلها الإخوان في ممارسة نشاطاتهم السياسية الإرهابية والتي يجمعون تبرعات من خلالها لتمويل ذلك.
تناولت الزيارة أيضًا توحيد الجهود والسياسات في مواجهة الإرهاب والتطرف والتعامل مع سياسات تركيا المعتدية في ليبيا وفي البحر المتوسط. حيث يجب أن تتوقف تلك الاستفزازات التركية والتي من شأنها أن تهدد السلم والأمن في المنطقة.
وعلى جانب آخر شهدت الزيارة بحث التعاون العسكري حيث التقى الرئيس السيسي بعدد من المسئولين في شركات المجال العسكري. وشهدت أيضًا تعاونًا في مجال الاستثمارات الفرنسية في مصر والتي بلغت 349 مليون دولار عام 2019/2020 والتي تتضمن قطاعات الاتصالات والصناعة والزراعة وغيرها. وشهدت الزيارة توقيع عدة عقود في مجالات مختلفة مدنية وعسكرية فيما يخص الطاقة والنقل والتعليم والطب والشئون العسكرية. فضلًا عن ذلك، شهدت الزيارة توقيعًا مع وكالة فرنسا للتنمية لدعم المجال الاجتماعي في مصر بمبلغ 150 مليون يورو كقرض ميسر.
وتم الترويج من خلال الزيارة لفرص الاستثمارات الفرنسية في مصر لضخ مزيد من الاستثمارات ووجود 3 شركات تعمل في العاصمة الإدارية وبحث فرص الاستثمار لإقامة منطقة صناعية فرنسية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
لذلك كانت هذه الزيارة مهمة للغاية في ظل الأوضاع الحالية التي تشهدها المنطقة وفي ظل التوتر الذي حدث مؤخرًا بسبب الرسوم المسيئة وتوضيح وجهات النظر المختلفة والتقريب بينها بالإضافة إلى بحث أطر التعاون بين البلدين في ظل أهمية مصر في منطقة الشرق الأوسط وأهمية فرنسا كدولة متقدمة في أوروبا.
