خبايا “حرب أكتوبر”.. انتصار للمصريين أم خدعة الإسرائليين

في home-slider-right, تقارير وتحقيقات

اعتقد الجيش الإسرائيلي بعد حرب 1948 والاعتداء في 1967 والاستيلاء على الأراضي العربية في مصر وسوريا وفلسطين أنه رغم كبر حجم الجيوش العربية إلا أن الجيش الإسرائيلي هو جيش لا يُقهر. تكونت تلك العقيدة بعد الهجوم الجوي على مصر وسوريا وتحطيم سلاح الجو المصري والسوري دون حرب حقيقية بل كان هجومًا مباغتًا غادرًا. بعد ذلك ضم القدس القديمة والضفة الغربية بعد انضمام الأردن لمصر وسوريا. حدث ذلك كله في ستة أيام فقط، وكان لذلك الحدث أثره على العقيدة الإسرائيلية والشعور بالقوة والفوقية على الجيوش العربية بعد السيطرة عليهم في هذه المدة القصيرة. بالتأكيد شعور منطقي ولكنه خادع.

جاءت بعد ذلك تصريحات لرئيسة الوزراء جولدا مائير: “بأن الشعب الإسرائيلي كان دائمًا محاط بالأعداء قد قرر أن يحيا، وإذا كان علينا أن ندفع ثمن الحياة فسندفعها، لأن هذا الشعب لا يستسلم لأننا نعلم أن الاستسلام يعني الموت”. تصريح غريب للغاية من معتدي. أن تعتدي على أراضي الشعوب والدول وتستعدي أصحاب الأرض ثم تقول بأن الشعب محاط بالأعداء. بالتأكيد الجميع أعداؤك بعد أن قمت بالاعتداء اولًا.

ولأن مصر وشعبها وقادتها لا يقبلون أبدًا بالهزيمة والاستسلام، ولأن المصري أرضه هي أغلى شيء في حياته ولا يستطيع العيش إلا بعد أن يسترد أرضه المغتصبة، ولأنه لا يستطيع أن يعيش مرفوعةً هامته وأرضه محتلة، جاءت تصريحات الرئيس السادات في مجلس الشعب أن: “أننا مقبلين على معركة حتمية لأننا لا نقبل بما يُراد فرضه علينا”.

إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة يوم 6 أكتوبر المجيد عام 1973 الذي عبرت فيه مصر عن تاريخها وحضارتها، عن إصرارها وقوتها وقوة إرادتها، وعن قدرتها على تجاوز العقبات واستطاعت أن تحقق المعجزة الذي ظنها العالم أجمع أنها مستحيلة بعبور القوات المسلحة المصرية قناة السويس وتدمير خط بارليف الذي كانوا يدّعون أنه لا يمكن تدميره إلا بالقنابل النووية، حيث عبرت خمس فصائل مصرية مدرعة القناة في الساعات الأولى للحرب بعد ملحمة جوية تاريخية لم تحدث من قبل في تاريخ الحروب الحديثة، وتحت ساتر نيراني للمدافع المصرية لما يقرب من مائتي مدفع، عبرت بشكل أوّلي وحدات من الصاعقة المصرية وسلاح المشاة بقوارب مطاطية، وفي وقت قليل أُقيمت الجسور بين الضفتين ومع نهاية عيد الغفران كان قد عبر أكثر من 50000 جندي مصري.

هذا ما أكدته تصريحات الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة بأن التخطيط للحرب كان دقيق للغاية ويشمل كافة التفاصيل الصغيرة مع تحديد المهام وتوقيتاتها لكل جندي وضابط وقائد على مدار اليوم. وهذا أيضًا ما اعترف به جنرالات إسرائيل من بطولات للجيش المصري في تلك الحرب والمعاناة التي عاشوها ولحظات الموت والدمار والضعف التي مروا بها أمام جحافل القوات المسلحة المصرية، بل أمام الإرادة المصرية على استعادة الكرامة والأرض والعِرض.

وفي تصريحات تليفزيونية، صرح الجنرال عمانويل صقال عن موقعة الكيلو 19: “في اليوم الأول للحرب اتسم القتال بالأسطوري، لقد قاتلنا بمفردنا ضد هجمات قوية جدًا” وساد الارتباك في حصن لاحتسانيت واستغاث القائد على اللاسلكي بقوات الاحتياط. وبخصوص نفس المعركة صرح ايتان هابر: “وقفت إلى جوار سيارة القائد على قمة الجبل كل موجات الراديو تذيع بصوت ماكس مامان موظف بنك من القدس والذي يخدم في النقطة الحصينة على القناة، أنقذوني أريد أن أعيش، ويمكنك سماع الضباط القادة المحترمين يقولون نحن في الطريق ولكنهم كاموا يكذبون. وهو يصرخ أواه ربي أنقذني أنقذني أريد أن أعيش وأنت تسمع صوته يخفت ويخفت ثم سمعته وهو يقول لقد حضروا هنا ويتوقف صوته ويصمت”. وفي تصريح آخر للدكتور آفي أوري مدير إدارة التأهيل بالمركز الطبي: “أحضروا لي قائد النقطة الحصينة وذراعه الأيسر مبتور كان يجلس هناك يشرب عندما أطلق عليه المصريين صاروخًا أصابه، وضعته على النقالة، الذراع كان مبتورًا تمامًا فخلعت السترة الواقية”.

تتوالى اعترافات الجنرالات الإسرائيليين بالهزيمة من المصريين فقد صرح تليفزيونيًا شلومو أردينست قائد حصن هاميزح الرصيف عن موقعة حصن الرصيف: “رأيت رباعية متكررة وأعداد مهولة من الطائرات المصرية التي تدخل سيناء ولاحظنا أنه ام نكن نحن هدفهم، ونحن جالسون 200 أو 250 متر بعيدًا عن المصريين ونرى قوتهم نشعر داخليًا بشيء بالعبرية هذا ببساطة ما يسمى الخوف” وخلال أسبوع كامل وهو يستغيث بقيادة الأركان الإسرائيلية لإنقاذه لكن باءت محاولاته بالفشل. وتابع: “ليس من المفترض أن أكون حكيمًا كبير لأدرك وأسمع فيما بعد أن المصريين يقفون على جدران بعد الحصون” وبعد أيام من الحصار طرق الأمل قلوب المرعوبين عندما شاهدوا 6 زوارق إسرائيلية تقترب من الناحية الجنوبية وبعد أن ارتف الشعور بالإنقاذ مات الأمل قبل أن يولد وتابع شلومو: “واتضح لي أنه في نفس الليلة أن الكوماندوز المائي للبحرية كان في الطريق لنا من أجل إنقاذنا” ولكن فرت الزوارق الإسرائيلية أمام نيران المدافع المصرية وأذرك شلومو وجنوده أن الموت هو المصير المحتوم.

وفي معركة الفردان في اليوم الثالث للحرب وبعد الهجوم الكاسح للجيش المصري حاول الإسرائيليين إعادة تنظيم أنفسهم وصرح الجنرال عمانويل صقال باحث في مركز بيجن للدراسات الاستراتيجية وقائد مدرعات سابق في الحرب أنه: “أرسل رئيس القيادة الجنوبية الفرقة 143 للجنوب لعبور القناة على الكباري المصرية لكن لم تكن هناك كباري في نطاق الجيش الثالث لم يكن هناك كوبري واحد مصري تبقى الصلاحية من رئيس هيئة الأركان الذ كان في اجتماع وزاري في تناقض مع الأوامر السابقة الفرقة الإسرائيلية سافرت للّا شيء من المنطقة الوسطى إلى الجنوب وأخبره بين الساعة الرابعة والسادسة بعد الظهر أنه يغزو السويس كان أمرًا غير معقول أرسل بيرن غربًا ليعبر كوبري الفردان” فاندفعت 100 دبابة إسرائيلية بقيادة الجنرال عساف ياجوري لاختراق موقع الفرقة الثانية مشاة التي كانت تحمي كوبري الفردان. وتابع العقيد حاييم آدان قائد لواء نيتكا 190 مدرع: “كانت التعليمات أنه عند النقطة الحصينة “هزايون” كوبري الفردان لا يوجد عدو عليه ويمكن للدبابات الاستيلاء على الكوبري بدون معوقات، كانت تبدو بسيطة. ثم قرر العميد حسن أبو سعدة قائد الفرقة الثانية مشاة صد الهجوم المضاد بأسلوب جديد وهو
جذب قوات العدو لمسافة 3 كيلو متر داخل الموقع. “في البداية كان هدوءًا كاملًا لم يطلق أحد طلقة واحدة الشمس كانت في عيوننا، الرمال والأتربة، لم نستطع أن نرى شيئًا وعندما كنا على بُعد ميل واحد من القناة نظرت حولي ورأيت على يميني وعلى يساري جنود مصريين في الخنادق وأنا أعرف أنني في مناطق المصريين، نيران دخان انفجارات لا تمكننا من رؤية ضوء النهار كنا نرى وميض دخان وغبار، انفجارات في كل الاتجاهات، جحيم مرعب ” كان ذلك تصريح الجنرال إسحاق بريك قائد كتيبة مدرعات في الحرب. وتابع شلومو: “كان شعور سيء جدًلا جدًا ومخجل ومؤلم أيضًا أي يسقط ضابط إسرائيلي أسيرًا”.

فهل كان ذلك كله انتصارًا للجيش المصري وللمصريين أم كما صوروه وروجوا هم لأنفسهم ظنًا منهم أنه انتصارًا لهم؟! التصريح التالي لموشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي: “أن الحرب كانت صعبة للغاية والمواجهات قوية ومريرة لقواتنا البرية والجوية، هذه الحرب ثقيلة بأيامها وبدمائها، ففي حرب الستة أيام أبلغنا عائلات الضحايا بعد الحرب عندما انتهت الحرب تمكننا من الحداد على أرواح شهدائنا ونحن الآن في خضمّ المعركة نعجز تمامًا عن التعبير وعن مدى حزننا لفقد شهدائنا”. وقالت جولدا مائير رئيسة الوزراء: “لا شيء أقسى على نفسي من كتابة ما حدث في حرب أكتوبر فلم يكن ذلك حدثًا رهيبًا فقط وإنما كانت مأساةً عشتها وسوف تعيش معي حتى الموت ولقد وجدت نفسي فجأة أمام أعظم تهديد واجه إسرائيل منذ نشأتها ولم تكن الصدمة فقط في الطريقة التي يحاربوننا بها ولكن أيضًا لأن معتقداتنا الأساسية التي آمنّا بها قد انهارت أمامنا”.

وفي النهاية، أن المنتصر فقط هو من يفرض إرادته وهو من يسترد أرضه، المنتصر فقط هو من تكون له الكلمة العليا، هو الذي يجلس للتفاوض بعد ذلك مرفوعةٌ هامته يحصل على حقه وأرضه بعد أن استرد كرامته، وأذاق عدوه مرارة الهزيمة والخزي والذل

المواضيع المرتبطة

الصحة: إغلاق “عيادة للتجميل” مخالفة يعمل بها منتحل صفة طبيب بمدينة نصر

أعلنت وزارة الصحة والسكان، اليوم الاحد، اغلاق عيادة خاصة “جلدية وليزر” شهيرة تعمل بدون ترخيص ويديرها منتحل صفة طبيب

أكمل القراءة …
اللواء هشان آمنة

وزير التنمية المحلية: 256 مليون جنيه تكلفة استثمارات تطوير منظومة إدارة المخلفات بالمنوفية

أعلن اللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية، عن تسليم المحطة الوسيطة الثابتة بمدينة تلا لمحافظة المنوفية، اليوم الأحد الموافق

أكمل القراءة …

هيئة الأرصاد تحذر من طقس غداً الأحد.. أمطار ورياح مثيرة للرمال

أعلن خبراء هيئة الأرصاد الجوية، أن يسود غدا الأحد، طقس حار نهارا على القاهرة الكبرى والوجه البحري وجنوب سيناء

أكمل القراءة …

قائمة الموبايل