انقلاب وانشقاق داخل صفوف جماعة الإخوان ..رسائل المعتقلين تعرية للقيادات والتسجيلات “الدليل”

في home-slider-right, مصر

لم تكن فضيحة التسريبات الأخيرة لواحد من قيادات الإخوان وهو يتحدث عن السرقات داخل أروقة الجماعة ببعيدة زمنيا عما جرى من أيام قليلة وبدا أنه انقلاب جديد وانشقاق ربما يكون الأخير داخل صفوف الجماعة الإرهابية.

رسائل بخط اليد حملت مزيجا من اللوم والاستغاثة بعث بها شباب الإخوان من المحكوم عليهم لقياداتهم، كلمات تبدو أنه قد تم تسريبها عمدا علها تجد سبيلا لآذان قيادات صمت آذانها عمن ورطتهم وشوهت أفكارهم ثم تركتهم في غياهب السجون، أو إلى آذان الدولة المصرية في مراوغة جديدة أو إعلان توبة مبطن على استحياء. وإذا وصفنا ما سبق بتنصل مبطن من شباب الإخوان فلن تكون هي المرة الأولى أو الأخيرة، هو نهج انتهجوه منذ عقود وجاء على لسان شيخهم ودليلهم “حسن البنا” عندما وصف شباب الجماعة الذين نفذوا اغتيال رئيس الوزراء المصري” محمود فهمي النقراشي” بأنهم ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين . الإخوان على اختلاف قياداتهم من البنا وحتى محمد بديع ينهلون من نفس النهر .

سيناريو المراجعات المتكرر

فكر الإخوان قائم على امتلاك الحقيقة المطلقة، أحادي بمعنى أن الأوامر والتعليمات تصدر بشكل خطي من القيادات لمن هم في مستوى أدنى، وأيدولوجيتهم تقوم على قبلية تنظيمية ممزوجة بعقيدة سرية خاصة ولذلك فإن المراجعة الحقيقية الشاملة أمر غير مطروح وإنما هو ورقة اعتادوا على اللعب بها كلما ضاقت بهم السبل، وليس أدل على ذلك من أركان البيعة العشرة القائمة عليها الجماعة، فهي تنسف أي فكر يعتمد على النقد أو المراجعة.

في إبريل الماضي خرجت إلى النور ورقة مراجعات شارك فيها عدد من الإخوان المحكومين على ذمة قضايا إضافة إلى سلفيين وأعضاء جبهة النصرة العائدين من سوريا، وجدد نشر تلك الورقة التساؤلات عن إمكانية المصالحة بين النظام المصري والجماعة المحكوم بحظرها، كما ذكر بتجارب سابقة عرفتها الأوساط السياسية المصرية بمختلف ألوانها، بداية من الشيوعيين وحتى السلفيين الجهاديين. وبالعودة إلى مضمون المبادرة، حدد المشاركون فيها هدفها بـ”تبييض السجون من الشباب وتأهيلهم إلى الخروج للمجتمع.

إقرارات توبة أم براءات ذمة .. ماذا يدور في السجون؟

حسب بعض الشباب الذين قضوا أحكامهم وخرجوا فإن الفترة التي أعقبت سقوط نظام الإخوان سيطر عليها أحد سيناريوهين دخل السجون، أحدهما تنظر له قيادات الجماعة والآخر انحاز له الشباب وانصبت بشكل رئيسي على تقييم لتجربة الجماعة.

وكان التوجه الشبابي بطبيعة الحال أكثر راديكالية فمنهم من وجد أن الجماعة أخطأت بتخليها عن الخطاب الثوري وتعاونها مع المجلس العسكري ومنهم من حمل قيادات مكتب الإرشاد مسئولية عزل مرسي.

وكان أكثر التيارات الشبابية تطرفا في راديكاليته ذلك التيار الذي انحاز للكفاح المسلح بسواعد شباب الإخوان الذين لازالوا خارج السجون.

 في تشكيلات علنية حملت أسماء سواعد مصر “حسم” ولواء الثورة.

 ولذلك فإنه ينظر لتلك المراجعات غالبا كمحاولة للفكاك والخلاص ولا يتم وضعها في إطار جدي من التبرؤ أو إعلان التوبة.

قراءة في “رسائل معتقل” 

على العكس من حالة الحراك التي جرت بعد نشر أحد شباب التنظيم لتسريبات صوتية تورط قادة الجماعة في سرقة أموال التنظيم، فإن “رسائل معتقل” التي وقع عليها مئات من شباب الإخوان لم تلق أي صدى لدى قياداتهم ولو حتى على مستوى تكذيبها أو التشكيك في صحتها.

 رد فعل يشير بقوة إلى أنه ما أسهل على قيادات الإخوان أن تستبدل أعضاء بغيرهم وأن تتخلى عمن غسلت أدمغتهم إذا كانوا سيثيرون اللغط ويفتعلوا الزوابع. وإذا ما نظر إلى بداية الخطاب لوجدنا اليأس يعصف بالجماعة فقد بدأ الشباب خطابهم بأنهم “يأخذون بالأسباب ويطرقون آخر الأبواب”.

وفيما تلى ذلك حاولوا استعطاف القيادات وتبرئة أنفسهم من شبهة اللوم أو المحاسبة ليعودوا وينقلبوا على ما قالوه في نفس الخطاب” ولا جئنا نحملكم المسئولية كاملة في الوضع الحالي، وما خرج منا أحد مكرهًا ولا مرغمًا، ولا أقدم على شيء إلا بإرادته، حتى وإن كانت القيادة لكم”

ثم مضوا يوضحون مأساوية الصورة ويؤكدون أنهم غير قادرين على تحمل المزيد خصوصًا وأن الأحكام الصادرة ضدهم تتراوح بين الـ15 عامًا والمؤبد فكيف وهم لا يطيقون مرور السنة السادسة منذ ثورة الثلاثين من يونيو!

القيادات.. سجن داخل السجن:

وصف الشباب لقيادات الجماعة في السجون كان الأكثر إثارة للصدمة وعلى حد ما جاء في ” رسائل معتقل” فإنهم وجدوا في قياداتهم” سجنا داخل السجن” أفكار غير منطقية، اهتمامات أقل ما يقال عنها أنها تافهة، وسعي وراء مناصب، وخلافات على أتفه الأشياء، وتصدير للشباب، شعارات كاذبة، ثبات مزيف، وادعاءات لا تمت للحقيقة ولا الواقع بصلة، تَقَمّص للتحمل والصبر، وهم أول المتعبين وأشد المنهكين.. مجموعة من الأوصاف أطلقها الشباب على قياداتهم وما خفي هو دائم أعظم، ومضى الشباب يؤكدون فكرة انشقاقهم تأكيدا مبطنًا فقالوا إن “منهم من كان صاحب فكر وتوجه وأفقده السجن فكره ومنحه فكرًا آخر، وأكثر تلك الأوجه انتشارًا هم هؤلاء” الأمر الذي يثير الشكوك في الغرض من تلك الرسائل والغرض من نشرها، فهل يعقل أن تستنجد بأحدهم في نفس الخطاب الذي توصل فيه رسالة ضمنية بانشقاقك عنه؟

استفهام أم سخرية؟

وبعد موجة الاستعطاف للقيادات في الخطاب انتقل الشباب للتساؤل الممزوج بالاتهامات فقالوا”
ما الدور الذي تمارسه القيادات داخل السجن وخارجه لإنهاء الأزمة؟! أو بشكل أصح: هل تسعى الجماعة لإيجاد حل؟! أم أنكم حقا تنتظرون أن يثور الشعب في مصر كما قال القيادي محمود حسين؟.. أي عقل ومنطق يصدق هذا”!” وفيما صاغوه هدم لفكرة المظلومية من أساسها فهم يوصلون لقيادات الإخوان أن ينسوا فكرة أن الشعب سيثور لإنقاذ الإخوان وإعادتهم إلى القصر كما رددوا كثيرا قبل وفاة المعزول “مرسي”، أم أن الأمر تغير بعد وفاته ففقدت جموعهم الأمل في العودة لحكم مصر خصوصًا وأنهم لم يستطيعوا تسويق وفاة مرسي كمظلمة حتى على أضيق النطاقات.

النداء الأخير.. خذوا خطوة للوراء

“نحن شباب المعتقلات إخوانا وغير إخوان، ندعو جميع قيادات جماعة الإخوان المسلمين داخل وخارج سجون وحدود مصر، أن يتحركوا بكل ما أوتوا من قوة تجاه حل لأزمتهم مع الدولة في مصر، وألا يترددوا في أخذ خطوة للوراء تحفظ لهم ما تبقى من بقايا جماعة وتحفظ عليهم القليل ممن تبقى من شبابهم، وأيضًا ليحفظوا لنا أعمارنا ومستقبلنا وحاضرنا”. كل سطور الخطاب مضت في مزج التهديد بالاستنجاد.

وفي محاولة لطمأنة قيادات الجماعة أكد الشباب لقياداتهم أن من ينتمون لهم لن ينقلبوا عليهم إذا ما اتخذوا موقفًا أكثر مرونة مع الدولة المصرية وعادوا ليذكروهم بأن ذلك أهون بكثير من أن يذكرهم التاريخ بأنهم من تسببوا في فناء الجماعة.

خطابات شباب الإخوان تعرية لقياداتهم، وتأصيل لمبدأ التقية

اعتبر ختام خطابات شبان سجناء الإخوان المسلمين من حيث مضمونه بأنه الأكثر جدلاً، فمن اطلع على نهاية الخطابات قد يقف بين طرفين، أحدهما يدين قيادات الإخوان بالتدليس، ويؤكد على قيامهم باستخدام مبدأ “التقية” والكذب من أجل مصلحتهم؛ إذ اختتموا خطابهم بعبارة “”نرجوكم أن توفروا جهد الرد علينا أو محاولة، تكذيب رسالتنا أو إثبات عكسها وإلصاق التهم بنا أو تخويننا”، والتي تشير إلى اعتياد شباب الإخوان المسلمين من قياداتهم على تزييف الحقائق واتهامات كاذبة وتكفير وتخوين كل من يقف ضد فكرهم، بل وصول الأمر إلى حد إهدار دمهم باعتبارهم خوارج والتي ظهرت جلياً للعيان من خلال منابرهم الإعلامية.

وهو ما قابله موقف متأرجح لقيادات الجماعة أوضحه القيادي الإخواني حسين عبد القادر في حديثه خلال منابر الإعلام الإخوانية، بأن الجماعة لم تتأكد من عدد هؤلاء الشبان ومن مصدرها وانها تعمل على دراستها، وذلك في محاولة لإزاحة الشبهة الأولى عنها، وكذلك الإشارة إلى أمر التفاوض والتراجع للخلف بأنه من الأمور التي تخضع للدراسة طوال الفترات الماضية، مما يوضح الموقف المعروف للإخوان من تعويم الامور لمجرد إبعاد الأنظار عن الهدف الحقيقي والوضع الحالي للإخوان.

وتأتي تصريحات القيادي الإخواني ربما لتشير إلى الموقف الضعيف والمتخبط والصورة المشوهة لقيادات الجماعة التي تلعب على كافة الأطراف من أجل الدخول في اللعبة السياسية مرة أخرى ومحاولة جس النبض السياسي للدولة المصرية من مدى تقبلها أمر التفاوض أو التراجع عن الموقف الذي تتخذه ضد التصالح مع قتلة المصريين، واقتصار التصالح مع من لا تتلوث يده بدم مصري واحد.

 

المواضيع المرتبطة

حركة حماس تصدر بيانا عاجلا للرد على مقترح بايدن لوقف إطلاق النار

أكدت حركة حماس عن تعاملها بإيجابية مع أي مقترح يهدف إلى وقف دائم لإطلاق النار وإعادة اعمار قطاع غزة

أكمل القراءة …

“وزارة الصحة” المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها لـ39 مليون سيدة وفتاة

أكدت وزارة الصحة والسكان، تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 39 مليون سيدة وفتاة، ضمن عدد من المبادرات الرئاسية تحت

أكمل القراءة …

هيئة الأرصاد تحذر المواطنين طقس الأيام المقبلة

كشفت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، عن تفاصيل حالة الطقس المتوقعة خلال الأسبوع المقبل. ومن المتوقع أن يشهد الطقس استمرار

أكمل القراءة …

قائمة الموبايل