شهدت مصر نقلة نوعية كبيرة في مجال مواجهة الفساد ومكافحة جرائمه، خاصة في الفترة من منتصف عام 2016 وحتى الآن، بحسب توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة التصدي للفساد ومحاربته لما له من تأثيرات سلبية على الاستثمار، وارتباطه الوثيق بتقوية الثقة في النظام ومؤسسات الدولة، حيث تسعى الحكومة جاهدة إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال إطلاق رؤية مصر 2030، ورفع معدلات النمو الاقتصادي.
وتؤمن مصر بأن القضاء على الفساد هو المفتاح السحري لزيادة تدفق الاستثمارات ونجاح منظومة الإصلاح الاقتصادي، حيث نجحت الدولة المصرية في مواجهة الفساد والتصدي له بشتى صوره، خلال الإستراتيجية الأولى.
12 مركزا
وقفزت مصر 12 مركزا في مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، الذي أعلنت منظمة الشفافية الدولية عن نتائجه، لتحتل المرتبة الـ 105 من أصل 180 دولة بعدما كانت تحتل المرتبة الـ 117 في مؤشر العام الماضي.
وبحسب منظمة الشفافية الدولية، المعنية بمكافحة الفساد، تقدم وضع مصر على مؤشر مدركات الفساد 3 درجات في 2018، حيث سجلت 35 نقطة على مائة، مقابل 32 نقطة العام الماضي، وكلما اقتربت درجة الدولة على المؤشر، الذي يشمل 180 دولة حول العالم، من صفر كلما دل ذلك على أن هذه الدولة أكثر فسادا وكلما اقتربت من 100 كلما عكس ذلك زيادة نزاهتها.
واحتلت مصر المركز الـ 105 في مؤشر الفساد لعام 2018، بعدما كانت تحتل المرتبة الـ 117 في 2017، وكما في السنوات الماضية، تتصدر هذا التصنيف الدنمارك، تليها نيوزيلندا ثم فنلندا وسنغافورة والسويد وسويسرا.
آفة الفساد
يقول اللواء محمد أبو حسين وكيل الرقابة الإدارية السابق، هناك رغبة في مكافحة الفساد، لأن الفساد ما هو إلا عائق للتنمية، فالفساد ما هو إلا آفة يجب مقاومتها، كذلك فإن تقدم مصر في تصنيف منظمة الشفافية العالمية لعام “2018” لتحصل على المركز 105 تتقدم 12 مركزًا مقارنة بـ”2017″ حيث كانت مصر تحتل المركز 117، لافتًا إلى أن الوظيفة العامة ليست “إمارة” كذلك هناك معايير يتم عليها حسن اختيار القيادات، هذا بالإضافة إلى تطبيق القانون على الجميع فالكل سواسية أمام القانون والكل تحت طائلة القانون.
التحول الرقمي
ومن جانبها تري الدكتورة ماريان عازر عضو مجلس النواب، تقدم مصر 12 مركزًا مقارنة بالسابق هذا يدل على أننا نسير بخطوات صحيحة، وذلك للشفافية ومثال على ذلك أن البوابة الإلكترونية للحكومة المصرية تقوم بطرح المناقصات إلكترونيًا، وهذا أحد معيار الشفافية والوضوح، لافتة إلى أن التحول الرقمي أيضا أحد أهم معايير الشفافية واستخدام التكنولوجيا يساعد على وصول المعلومة بشكل أوضح، هذا بالإضافة إلى انعقاد المؤتمرات في الفترة الأخيرة بحضور كامل للحكومة والشباب والتي من خلالها تم كشف أهم الخطط والاقتراحات وأراء الشباب مما ساعد على وجود جو من الشافية وخلق لغة الحوار.
الاستثمارات الأجنبية
ومن الناحية الاقتصادية يوضح الدكتور مصطفي أبو زيد رئيس اللجنة الاقتصادية لحزب الحركة الوطنية، “بالطبع تقدم مصر في مؤشر مكافحة الفساد الصادر من منظمة الشفافية الدولية له تأثير إيجابي على الاقتصاد المصري من حيث المزيد من الثقة في جذب المستثمرين والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإضفاء الانطباع الجيد في سلاسة الإجراءات الاستثمارية بما يوفر للمستثمر الوقت والجهد والمال في إجراء معاملاته، مضيفًا أن مكافحة الفساد ضمن المحاور المهمة بالإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة ٢٠٣٠ في محور كفاءة وشفافية المؤسسات الحكومية في البعد الاقتصادي، وهذا التقدم في مؤشر مكافحة الفساد ينم عن رغبة أكيدة من قبل الدولة في مجابهة شتى أنواع الفساد في كافة أجهزة الدولة لتحقيق مستهدفات الإستراتيجية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
قضايا الفساد
ومن جانبه يضيف الدكتور على عبد الرءوف الإدريسي الخبير الاقتصادي، إن تحسن مصر ١٢ مركزا في تقرير الشفافية ومما لا شك فيه إن هيئة الرقابة الإدارية في مصر تشكل الجهة الأساسية المكلفة بالتحقيق في قضايا الفساد، وتعمل على إرجاع بعض أملاك الدولةالمسروقة، واعتماد إستراتيجية الفساد لأربع سنوات، وتعمل مصر على مكافحة الفساد الإداري والمالي، فاستطاعت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط عشرات من قضايا الفساد لمسئولين وموظفين حكوميين، لافتًا إلى إننا بحاجة جهد اكبر للقضاء على الفساد.
ولفت الإدريسي، إلى أن تمثيل المردود الاقتصادي في أن الفساد يتمثل في كونه تكلفه على المستثمر وواحد من أهم عوامل الطاردة للاستثمار و ذلك كلما انخفضت معدلات الفساد كلما كان المناخ الاستثماري أفضل و تستطيع الدولة رفع معدلات الاستثمار بها.
ويتفق الدكتور على الإدريسي مع الدكتورة ماريان عازر عضو مجلس النواب، في أن التحول الرقمي وتفعيل دور الحكومة الالكترونية، وكذلك الشمول المالي يساهم في القضاء على الفساد الإداري بنسب كبيرة بجانب تغليظ العقوبات.
تسويق دولي
وفي السياق ذاته يؤكد الدكتور وليد جاب الله خبير التشريعات الاقتصادية، أن تقدم مصر بفارق 12 مركزا عن ذي قبل هو إضافة جديدة إلى التحسن المثالي الذي تحققه مصر بكافة المؤشرات الاقتصادية والمالية منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي، مشيرًا إلى أن هذا التقدم بعد أيام من اعتماد كريستين لاجا رد المراجعة لخبراء صندوق النقد الدولي تمهيدًا لحصول مصر على الشريحة الخامسة من قرض الصندوق الأمر الذي يجعل من ذلك التحسن الأخير في معيار الشفافية الدولية ليكون بمثابة تسويق دولي للاقتصاد المصري بصورة تساعد على جذب الاستثمارات وزيادة مقدار الثقة، فهذا الأمر يعكس أيضا انخفاض تكلفة الاقتراض الدولي لمصر وتحسين تصنيفها الائتماني، ليصب كل ذك في المزيد من قوة الدفع المحركة للاقتصاد بالصورة التي يترتب عليها المزيد من الاستثمارات وتراجع البطالة وارتفاع معدل النمو.