ودع كل أهل قرية بني أحمد الشرقية بالمنيا، بمعتقداتهم الدينية المختلفة، أمس الأحد، المغني أو مداح النبي مكرم جبرائيل غالي أو “مكرم المنياوي”، الذي جمع الآلاف من مختلف الديانات والعقائد في حياته وفي جنازة وداعه
توفي” المنياوي” مساء السبت، إثر أزمة قلبية جعلت روحه تذهب إلى ربها، عن عمر يناهز 71 عاما، إثر تعرضه لأزمة قلبية.
وأقيم القداس الجنائزي على روح مكرم في كنيسة السيدة العذراء بقرية بني أحمد الشرقية، ولكن جنازته مشي فيها المسلمون كما المسيحيون.
ولد “مداح النبي” عام 1947 بقرية صفط الشرقية التابعة لمركز المنيا، بدأ العمل عام 1965 كخياط، وهي المهنة التي ورثها من والده، لكنه كما كان يقول على نفسه “غاوي” الغناء، لذلك قرر ترك مهنة الترزي والتركيز على مشواره في الغناء الشعبي، كما اعتاد على الغناء مع ابنيه اللذين احترفا الغناء الشعبي مثله، بل وسجلا بعض الأغاني على طريقة “الفيديو كليب”.
وعلى غرار المسلمين الذين يعشقون سماع الترانيم المسيحية، التي يتجلى من خلالها حب الله والسلام النفسي الذي تنشره ألحانها السماوية الهادئة، أحب مكرم المنياوي مدح نبي الإسلام، بجانب المواويل الشعبية الكثيرة الأخرى التي قدمها عبر سنوات حياته، حيث بدأ مشواره مع الغناء الشعبي منذ 50 عاما.
اعتبر محبوه أغانيه بمثابة “حكم وأمثال”، تداولوها منذ بدايته عبر الكاسيت، الذي أنتج من خلاله أكثر من 300 شريط، ثم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سواء كانت على هيئة مواويل حزينة كـ”الزمن” و”مش أنا”، و”زرعت فدان جمايل وأربعة معروف”، أو مدائح في حب النبي محمد، أو السيدة العذراء.
شارك مكرم منذ بداياته بالإنشاد في الموالد المختلفة، مثل السيد البدوي والحسين، لكنه لاحظ خلال حفلات الغناء أن الحضور ليسوا من ملة أو دين واحد، ومن هنا جاءت فكرة إدخال الإنشاد الديني في هذه السهرات، حتى تحولت أغلبها إلى جلسات لمدح النبي والسيدة العذراء وسط استمتاع و”انبساط” الجميع.
كان مكرم يقوم بتأليف المدائح التي ألقاها في حب النبي بنفسه، دون الاعتماد على مؤلف ما، وظل يؤلف الأغاني التي يؤديها بنفسه بشكل عام حتى وفاته، هذا التسامح لم يعد بالنسبة له أو لفرقته التي تتكون جميعها من عازفين مسلمين إلى “أمر بديهي”، لا يحاولون حتى التفاخر به لادعاء التميز.
مات مكرم المنياوي دون تكريم من الدولة، وباهتمام مُعدم من الإعلام في السنوات القليلة التي سبقت وفاته، لكنه ظل طوال حياته حاضرا مع محبيه في أفراحهم، ولحظاتهم التي تطلبت سماع مواويله الحزينة على حد سواء.