مفاجآت كبيرة أظهرتها جلسة الكونجرس الأمريكى التي عقدت مساء أمس الثلاثاء، بشأن تسريب البيانات الخاصة لأكثر من 87 مليون مستخدم لموقع «فيسبوك»، لشركة استشارات سياسية تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها وتحمل اسم «كامبريدج أنالتيكا»، والتى ساعدت حملة دونالد ترامب الانتخابية خلال عام 2016.
واعتذر الرئيس التنفيذى لشبكة فيسبوك، عن التقصير الذى قامت به الشركة فيما يتعلق بتسريب بيانات المستخدمين، وحاول زوكربيرج توضيح دور «فيسبوك» تجاه المجتمع، حيث كشف عن دوره فى الأحداث والكوارث المختلفة التى واجهت العالم خلال الفترة الماضية.
وقال: «من الواضح الآن أننا لم نفعل ما يكفى لمنع استخدام هذه الأدوات للضرر أيضًا، وهذا ينطبق على الأخبار الزائفة والتدخل الأجنبى فى الانتخابات وخطاب الكراهية، وكذلك المطورين وخصوصية البيانات، لم نتخذ رؤية شاملة كافية لمسئوليتنا، وكان ذلك خطأ كبيرًا، لقد كان خطأى، وأنا آسف، لقد بدأت فى فيسبوك وأديره، وأنا مسئول عما يحدث هنا».
واستكمل حديثه: «نحن نتحمل مسئولية ليس فقط بناء الأدوات، ولكن للتأكد من استخدامها للأبد»، مضيفًا: «على مدار الأسابيع القليلة الماضية، كنا نعمل على فهم ما حدث بالضبط مع Cambridge Analytica واتخاذ خطوات للتأكد من عدم حدوث ذلك مرة أخرى، لقد اتخذنا إجراءات مهمة لمنع حدوث ذلك مرة أخرى اليوم قبل أربع سنوات، لكننا ارتكبنا أخطاء أيضًا، وهناك الكثير للقيام به، ونحن بحاجة إلى تصعيده والقيام به، بدأنا العمل مع الجهات المسئولة داخل الولايات المتحدة من أجل الحل، وأخطرنا المستخدمين المتضررين».
وخلال جلسة الاستماع، سألت السيناتور «ماريا كانتويل» من الحزب الديمقراطى من واشنطن، زوكربيرج عن طبيعة تعامل موظفيه مع شركة Cambridge Analytica المسئولة عن تسريب بيانات 87 مليون مستخدم على فيسبوك لصالح حملة الرئيس دونالد ترامب، وجاء رد مؤسس فيسبوك صادمًا، حيث قال إنه لا يعرف ما إذا كانوا متورطين أم لا، وأضاف: «رغم هذا الأمر، أعرف أننا ساعدنا حملة ترامب بشكل عام فى دعم الحملة بكل الطرق الممكنة، وذلك بنفس الطريقة التى نساعد بها فى جميع الحملات الأخرى».
أما السيناتور باتريك ليهى، فتساءل عن فشل «فيسبوك» فى مواجهة خطابات الكراهية فى ميانمار، حيث عرض منشورًا يدعو لقتل صحفى مسلم، مضيفًا: «هذا التهديد ذهب مباشرة من خلال فيسبوك، وانتشر بسرعة كبيرة، واستغرق الأمر الكثير من الوقت من فيسبوك لإزالة هذا المنشور، ليرد زوكربيرج: «ما يحدث فى ميانمار هو مأساة مروعة ونحتاج إلى بذل المزيد من الجهد»، مضيفًا أن الشركة توظف العشرات من مراجعى محتوى اللغة البورمية، وتزيل الحسابات التى تدعو للكراهية.
فيما أوضح السيناتور الأمريكى ريتشارد بلومنتال، أن شروط الخدمة الخاصة بالتطبيق الذى طوره ألكساندر كوجان، مؤسس تطبيق التنبؤ بسمات الشخصيات، المسئول عن تسريب بيانات «فيسبوك»، تتيح له بيع بيانات المستخدمين، والتى سبق وقدمها لـ«فيسبوك» عند تقديم طلب اعتماد التطبيق، ورد مارك زوكربيرج زاعمًا بأنه لم يسبق له أن رأى هذه الشروط من قبل، مضيفًا أنه لن يتم فصل أى موظف لديه نتيجة عدم النظر إلى هذه الشروط بشكل صحيح.
وتساءل عضو مجلس الشيوخ عما إذا كان هذا هو تجاهل متعمد وانتهاكًا لمرسوم موافقة لجنة الاتصالات الأمريكية FTC، إلا أن زوكربيرج قال إنها لم تنتهك اتفاقية الخصوصية مع الجهة التنظيمية الأمريكية.
وفى سؤال جديد لزوكربيرج، حول إمكانية دعمه لقانون يجبر الشركة على إعلام المستخدمين فى غضون 72 ساعة حال الاختراق، قال: «هذا الأمر يروق لى بشكل كبير».
كما أعطى رئيس لجنة التجارة والعلوم والنقل داخل الكونجرس الأمريكى، جون ثوك، تفاصيل ما سيحدث داخل الجلسة، حيث بدأ بعض المشرعين فى إعطاء نظرة شاملة عما ستتم مناقشته خلال الجلسة، وبعد ذلك سيقوم زوكربيرج بإلقاء بيان يوضح فيه بعض الأمور، وفى النهاية بدأت فقرة الأسئلة.
وقال ثوك، إن أحد الأسباب التى تجعل الكثير من الناس قلقين بشأن الحادث الأخير المتعلق بتسريب البيانات لشركة كامبريدج أنالتيكا، هو ما يتم تداوله عن كيفية عمل فيسبوك فى الأساس، محذرًا زوكربيرج من أن قصة الحلم الأمريكي التى أسسها يمكن أن تتحول إلى كابوس بالنسبة لخصوصية الأمريكيين.
وساعدت البيانات المسربة فى استهداف الأمريكيين خلال فترة الانتخابات بدعاية سياسية تم تصميمها خصيصًا للتأثير عليهم لصالح الرئيس الحالى دونالد ترامب.
فيما أوضح السيناتور فينستين، أن زوكربيرج لديه فرصة لإظهار التزام ذى معنى بالخصوصية، من خلال إظهار النشاط الروسى على «فيسبوك»، كما علق السيناتور جراسلى بأن الوضع الراهن لم يعد يصلح ولا يجب أن يستمر، وعلى الكونجرس الآن أن يستكشف ما إذا كنا بحاجة إلى تعزيز معايير الخصوصية على «فيس بوك».
كما تم سؤال زوكربيرج حول عدم حظر «فيسبوك» لشركة كامبريدج أناليتيكا حتى الآن، ليبرر زوكربيرج أن الشركة لم تعلن على «فيسبوك» فى عام 2015، وأوضح أنه بدأ «فيسبوك» عندما كان فى الجامعة، والآن يضم أكثر من 2 مليار شخص، ويتم استخدامه للتواصل، وتابع: «أدرك أننا نمر ببعض المشكلات وسنفعل كل ما بوسعنا لإيجاد حلول وحماية المستخدمين».
وأضاف زوكربيرج أن الانتخابات المقبلة ستكون أفضل، مضيفا: «عالم التكنولوجيا يعتبر سباقًا للتسلح، فبينما يتحسن المتصيدون والجهات الخبيثة، فإن فيسبوك على الجانب الآخر يتحسن»، إذ جاء هذا التصريح من مؤسس «فيسبوك» على أعقاب سؤاله من قبل أحد مسئولى الكونجرس عن التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية، وعن إمكانية كونها أفضل مما سبق.
وعند سؤاله عن مجانية استخدام فيسبوك» أكد زوكربيرج أن «فيسبوك» سيكون دائمًا مجانيًا، وأضاف أن هناك إعلانات يتمكنون من خلالها الحصول على دخل.
وقبل انعقاد الجلسة تجمع حشود من الصحفيين الأمريكيين داخل القاعة المقرر أن ينعقد بها جلسة الاستماع لمارك زوكربيرج، وسلطت اللقطات الأولى الضوء على المكان الذى سيجلس فيه الملياردير الشاب، خاصة أنه تم إضافة طبقة على الكرسى الذى سيجلس عليه، نظرًا لأنه قصير القامة، كما ظهر مجموعة من الشباب الذين يحملون لافتات داخل القاعة مكتوب عليها عبارات تطالب بحماية خصوصية المستخدمين.