في زيارة تحمل المزيد من توطيد العلاقات المصرية السعودية.. يصل اليوم الأربعاء، إلى القاهرة الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية، في زيارة يلتقي خلالها ولى العهد عدد من المسؤولين في مصر؛ لبحث العلاقات وأوجه التعاون بين البلدين الشقيقين، و للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لبحث الملفات المشتركة بين البلدين وآخر تطورات الأحداث بالمنطقة العربية.
زيارة ولى العهد السعودي ليست الأولى وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، فعلاقة بن سلمان بالرئيس السيسي تزداد قوة وترابط يومًا بعد يوم أما التحديات التى تواجه منطقة الشرق الأوسط عامة، ومصر والسعودية خاصة بصفتيهما القوتين الأكبر فى المنطقة العربية.
ويعرف الأمير الشاب، البالغ من العمر 31 عاما، بتوليه سلطات غير معتادة لمن في سنه، إلى درجة أن وصفه بعض الدبلوماسيين بأنه “رجل كل شيء”، فمنذ تعيينه وليا لولي العهد في 2015 لم يتكاعس عن تنفيذ توجهات مختلفة وانفتاحية فى المملكة السعودية حتى أصبح أكثر شخصية نفوذا في المملكة، كما وصفته مجلة ذي إيكونوميست بأنه القوي وراء عرش والده الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
انفتاح السعودية
يدعم ولي العهد الجديد خطة تحديث إصلاحية تعرف باسم رؤية 2030، تهدف إلى تغييرات اجتماعية واقتصادية، حتى لا يظل اقتصاد البلاد معتمدا فقط على النفط.
ويتولى ولي العهد أيضا منصب وزير الدفاع منذ أكثر من عامين، وقادت المملكة في عهده حملة في اليمن لدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في مواجهة مسلحي الحركة الحوثية في اليمن.
شهدت السعودية خلال فترة ولاية عهده السماح للمرأة السعودية بالقيادة وتفعيل هيئة الترفية والسماح للنساء بدخول الملاعب الرياضية، كما تحدث صراحةً عن توجه السعودية لمكافحة التشدد الديني داخل الدولة والذي يعرف محلياً بالصحوة ووصفه بالدخيل على المجتمع السعودي.
اول زيارة لولى العهد
فى الـ30 من يوليو 2015.. توسط ولى ولى العهد الأمير محمد بن سلمان مقعده بين كل من الرئيس عبد الفتاح السيسى والمشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع الأسبق فى حفل تخريج دفعات جديدة من الكلية الحربية والفنية العسكرية والمعهد الفنى للقوات المسلحة، ودفعة الجامعيين.
وجاءت زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة صفعة قوية في ظل تقارير صحفية واعلامية حول فتور فى العلاقات بين البلدين على اثر الاعلان عن زيارة وفد من “حماس″ برئاسة خالد مشعل الى الرياض، والتى اتضح فيما بعد أن الوفد كان يؤدى مناسك العمرة وليست زيارة سياسية.
إعلان القاهرة
صدر عن لقاء الأمير بن سلمان والرئيس السيسي إعلان القاهرة الذي تضمن تأكيد البلدين على متانة العلاقات الثنائية، والحرص على تطويرها في كافة المجالات، مع وضع الآليات التنفيذية اللازمة لتحقيق ذلك.
ونص الإعلان على حرص الجانبان على بذل كافة الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعمل سويًا على حماية الأمن القومي العربي، ورفض محاولات التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية.
اتفق الجانبان على وضع حزمة من الآليات التنفيذية في المجالات التالية:
1- تطوير التعاون العسكري والعمل على إنشاء القوة العربية المشتركة.
2- تعزيز التعاون المشترك والاستثمارات في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والنقل.
3- تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين والعمل على جعلهما محورًا رئيسيًا في حركة التجارة العالمية.
4- تكثيف الاستثمارات المتبادلة السعودية والمصرية بهدف تدشين مشروعات مشتركة.
5- تكثيف التعاون السياسي والثقافي والإعلامي بين البلدين لتحقيق الأهداف المرجوة في ضوء المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، ومواجهة التحديات والأخطار التي تفرضها المرحلة الراهنة.
6- تعيين الحدود البحرية بين البلدين.
من هو ولى العهد؟
ولد الأمير محمد بن سلمان في 31 أغسطس/آب 1985، وجمع بسرعة سلطات ونفوذا غير عاديين، بعد تولي والده عرش السعودية في يناير/كانون الثاني 2015.
ويصفه دبلوماسيون غربيون بالذكاء، وبأن له نفوذا كبيرا على والده البالغ من العمر 81 عاما.
ودرس الأمير محمد القانون في جامعة الملك سعود، وهو أب لولدين وبنتين، ولم يتزوج إلا مرة واحدة، على عكس بقية أفراد العائلة المالكة.
وقال لبلومبيرغ إنه على الرغم من أن الإسلام يسمح بالزواج بأكثر من زوجة، فإن الحياة الحديثة لا تدع وقتا لذلك.
من بين المناصب التي يتولاها رئاسة مجلس شؤون الاقتصاد والتنمية، وهو الجهة التي تنسق السياسة الاقتصادية في البلاد. ويرأس أيضا الهيئة المشرفة على شركة النفط العملاقة أرامكو.
عاصفة مكافحة الفساد
فى نوفمبر الماضي.. أعلنت السلطات السعودية تشكيل لجنة جديدة لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد أن تم تجميد الحسابات البنكية للموقوفين في قضايا الفساد، حسبما ذكرت وزارة الإعلام، وأوضحت أن “كل الأصول والممتلكات التي تشملها تحقيقات الفساد ستسجل باسم الدولة”.
وفى هذا الشأن.. قال محللون إن هدف القرارات يتجاوز مكافحة الفساد إلى التخلص من أي معارضة محتملة للأمير محمد بينما يواصل مسعاه الإصلاحي الطموح والمثير للجدل.
فيما يرى محللون اخرون تمثل الحملة الأخيرة خروجا على تقاليد التوافق والإجماع داخل الأسرة الحاكمة التي تضاهي طريقة عملها السرية تلك الخاصة بالكرملين أيام الاتحاد السوفيتي، وعلى الرغم من ذلك فإن قرارات الإعفاء والاحتجاز توحي بأن الأمير محمد -وبدلا من السعي لتكوين تحالفات-يعزز قبضته الحديدية لتشمل الأسرة الحاكمة والجيش والحرس الوطني لمواجهة معارضة واسعة النطاق فيما يبدو داخل الأسرة والجيش لإصلاحاته ولحرب اليمن.
بينما يرى خبير اقتصادي في بنك خليجي كبير إنه لا يوجد في السعودية من يرى الفساد سببا للقرارات الأخيرة، وأضاف الأمر يتعلق بتعزيز السلطة والإحباط من عدم مضي الإصلاحات بالسرعة الكافية.
ورغم تناقض الآراء حول خطة “بن سلمان” لتطوير وانفتاح السعودية، وسعيه لتعزيز سلطته السياسية سواء فى توطيد علاقاته بمصر او مواجهة قوى الشر المتمثلة فى قطر وإيران وتركيا; إلا أنه دون شك سيظل ولى العهد هو الأقوى نفوذا والأكثر ذكاءً بين شباب جيله.